للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: لا يجوز المسح عليهما عند أبي حنيفة – إلا أن يكونا مجلدين أو منعلين (١)؛ لأنه ليس في معنى الخف الذي يمكن مواظبة المشي فيه إلا إذا كان منعلاً، وهو ما يحمل عليه ما روي عن النبي – أنه مسح على جوربيه ونعليه (٢)، وكان


(١) شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ١/ ٤٥٥. المجلد إذا وضع الجلد على أعلاه وأسفله، والمنعل إذا وضع الجلد على أسفله كالنعل. (ينظر: البناية، ١/ ٦٠٧ - ٦٠٨)
(٢) أخرجه أبو داود، ١/ ٤١، كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين، حديث رقم: ١٥٩، وعلق بأن المعروف عن المغيرة – أن النبي – مسح على الخفين، والنسائي في السنن الكبرى، ١/ ١٢٣، كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين والنعلين، رقم حديث: ١٢٩، وتعقَّبه فقال: (ما نعلم أحدًا تابع أبا قيس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي – مسح على الخفين، والله أعلم)، والترمذي، أبواب الطهارة، باب في المسح على الجوربين والنعلين، حديث رقم: ٩٩، وقال: حديث حسن صحيح، وابن خزيمة، ١/ ٩٩، كتاب الوضوء، باب الرخصة في المسح على الجوربين والنعلين، حديث رقم: ١٩٨، وصحَّح إسناده المحقق، وأحمد، ٣٠/ ١٤٤، في مسند الكوفيين، حديث المغيرة بن شعبة، رقم ١٨٢٠٦، وروي أيضاً من طريق أبي موسى كما في سنن الترمذي (١/ ١٦٧)، وسنده في نصب الراية (١/ ٩٧). وهذا الحديث ضعَّفه الأئمة وعلته تفرد أبي قيس –عبد الرحمن بن ثروان-، ولأن المحفوظ عن المغيرة المسح على الخفين. (علل الدارقطني، ٧/ ١١٢، رقم: ١٢٤٠، السنن الكبرى، ١/ ١٢٣). وقد صحَّحه الترمذي كما سبق، لكن تعقَّبه النووي في المجموع (١/ ٥٠٠) وقال بعد أن ذكر من ضعَّفه مثل البيهقي، ونقل تضعيفه أيضَا عن سفيان الثوري وأحمد وعلي بن المديني، ويحيى بن معين ومسلم بن الحجاج: "وإن كان الترمذي قال: حديث حسن فهؤلاء مقدمون عليه، بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة". ومن المعاصرين صحَّحه الألباني في صحيح سنن الترمذي، ص: ٧٣، كتاب الطهارة، باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين، حديث رقم: ٩٩. وقال الأرناؤوط في تحقيقه على مسند الإمام أحمد: "وباستعراض أقوال الفريقين نجد من الإنصاف القول: إنَّ من صحَّح المسح على الجوربين بتصحيح هذا الحديث فحسب، قد وهم؛ لأن أكثر الأئمة على تضعيفه، كما سلف، لكن من ذهب إلى عدم جواز المسح على الجوربين مطلقاً بسبب تضعيفه هذا الحديث، قد قصَّر، وفاتَه أنَّ المسح على الجوربين إنما ثبت من أحاديث أُخر، أصحها حديثُ ثوبان. "
ثم قال: "وللمسح على الجوربين شاهدٌ كذلك من حديث ثوبان أخرجه أحمد ٣٧/ ٦٦، - ومن طريقه أبو داود (١/ ١٠٢ - ١٠٣) - عن يحيى بن سعيد القطان، عن ثور بن يزيد الكلاعي، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، قال: بعث رسول الله – سرية، فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي –، شكوا إليه ما أصابهم من البرد، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين. وإسناده صحيح، رجاله ثقات". (ينظر: مسند أحمد، ٣٠/ ١٤٤ - ١٤٧).
قلت: قد أخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ٢٧٥)، وقال: إنه حديث صحيح على شرط مسلم، كما صححه الألباني (صحيح أبي داود، ١/ ٢٥٠) ونقل تصحيح النووي، والذهبي والزيلعي.
والعصائب عمائم (غريب الحديث لابن قتيبة، ١/ ٢٢٦)، والتساخين بكل ما يسخن به القدم من خف وجورب ونحوهما (غريب الحديث للقاسم بن سلام، ١/ ١٨٧، مقاييس اللغة، ٣/ ١٤٦، غريب الحديث للخطابي، ٢/ ٦١).

<<  <   >  >>