للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء في كتب الحنفية ما يفيد عدم التفريق بين المسلم والذمي في بعض المسائل مثل الإيلاء (١)، ووجوب النفقة على الزوجة (٢)، والإجارة؛ لأنها من عقود المعاوضات، وجريان الربا، والشفعة (٣)، والدية (٤)، والحدود (٥)، وغيرها، وينصون على أن الذمي قد التزم أحكام الإسلام في المعاملات (٦)، وفرقوا بينهما في مسائل مبناها على العبادة (٧)، ومنها الظهار؛ ولأن الظهار يلزم منه الكفارة وهي التكفير والتطهير، والكافر ليس بأهل لذلك، وما فيه من الشرك أعظم من الظهار، ولأن معنى العبادة يترجح في الكفارة حتى تتأدى بالصوم الذي هو محض عبادة لا يتأدى إلا بنية العبادة، وعليه الفتوى (٨).

دراسة المسألة دراسة مقارنة

ينص الفقهاء على أن الذمي كالمسلم في المعاملات، فيصح منه البيع، وله حق الشفعة وغيرها -وقد سبق ذكر بعضها-، واختلفوا في المسائل التي لها جانب العبادة وجانب المعاملات مثل الظهار على قولين:

القول الأول: ظهار الذمي لا يصح، وهو قول الحنفية -كما مضى-، والمالكية (٩).


(١) بدائع الصنائع، ٣/ ١٧٥، وعلله بأنه يعظم أسماء الله، وخالفه القدوري في تجريده، ١٠/ ٥٠٦٧، بل قال: إن الطلاق لا يصح منه، ومن صح منه الطلاق صح ظهاره.
(٢) بدائع الصنائع، ٤/ ٢٢، ٤/ ١٧٦، ٥/ ١٩٤، ويشمل مسائل الإجارة والربا والشفعة.
(٣) الهداية، ٤/ ٣١٦.
(٤) الاختيار، ٥/ ٣٠، وهو قول الحنفية.
(٥) المبسوط، ٦/ ٢٣١.
(٦) الهداية، ٢/ ٣٤٧، العناية، ٥/ ٢٦٨.
(٧) الاختيار، ١/ ١١٤.
(٨) شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ٥/ ٢٠١، المبسوط، ٦/ ٢٣١، بدائع الصنائع، ٣/ ٢٣٠، تبيين الحقائق، ٣/ ٢، البناية، ٥/ ٥٣١، مجمع الأنهر، ١/ ٤٤٦.
(٩) التاج والإكليل، ٥/ ٤٢٢، جواهر الإكليل، ١/ ٣٧١، إلا أنه ذكر في التعريف أنه تشبيه المسلم البالغ، فدل على أنه لا يصح من غير المسلم.

<<  <   >  >>