للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: ظهار الذمي يجوز، وهو قول الشافعية (١)، والحنابلة (٢).

الأدلة والمناقشات:

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بأن ظهار الذمي لا يصح بأدلة، منها:

الدليل الأول: قوله: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ﴾ [المجادلة: ٢].

وجل الدلالة: من وجهين:

الوجه الأول: قوله تعالى: ﴿مِنْكُمْ﴾ كناية عن المسلمين (٣).

ونوقش بأوجه، منها:

- أن الكفارة إنما وجبت على المسلم زجراً له عن هذا الفعل الذي هو منكر من القول وزور، وهذا المعنى قائم في حق الذمي فوجب أن يصح.

قد يجاب بآخر الآية الرابعة من سورة المجادلة بعد ذكر أحكام الظهار: ﴿ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤)[المجادلة: ٤]، واللام لام التعليل، (٤) فالكفارة شرعت إيماناً كما شرعت زجراً (٥).

- وأن قوله: (والذين يظاهرون من نسائهم) متأخر في الذكر عن قوله: (الذين يظاهرون منكم)، والظاهر أنه كان متأخراً في النزول، فيكون العام قد ورد بعد الخاص، وعند أبي حنيفة إذا ورد العام بعد الخاص كان ناسخاً له.


(١) الحاوي الكبير، ١٠، ٤١٢، الوسيط في المذهب، ٦/ ٢٩.
(٢) الكافي في فقه الإمام أحمد، ٣/ ١٦٥، المغني، ٨/ ٤.
(٣) تفسير القرطبي، ١٧/ ٢٧٦، وقال: " قوله تعالى: (منكم) يعني من المسلمين. وهذا يقتضي خروج الذمي من الخطاب. فإن قيل: هذا استدلال بدليل الخطاب. قلنا: هو استدلال بالاشتقاق والمعنى، فإن أنكحة الكفار فاسدة مستحقة الفسخ فلا يتعلق بها حكم طلاق ولا ظهار، وذلك كقوله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم)، وإذا خلت الأنكحة عن شروط الصحة فهي فاسدة، ولا ظهار في النكاح الفاسد بحال"، وهو قوي.
(٤) إعراب القرآن وبيانه، ١٠/ ٨.
(٥) تفسير الطبري، ٢٣/ ٢٣٤.

<<  <   >  >>