للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أثبت من الأعمش (١).

فمخالفة الثوري للأعمش لا تُعِلُّ حديثه؛ لأن معه زيادة علم، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ (٢).

ثم إنه ليس بين الطريقين -الموصول والمرسل- اختلاف؛ لأن المرسل قد بينه الموصول فهو مفسر له، فالطريق التي فيها رواية عطاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مباشرة -دون ذكر ابن عمر- قد بينتها الطريق الأخرى والتي فيها رواية عطاء عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من المعلوم أن عطاء بن أبي رباح إذا أرسل هذا الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا بد أن يكون قد سمعه من أحد، وإذا كان في إحدى الطريقين قد بين أنه أخذه عن ابن عمر كان هذا بيانًا وتفسيرًا لما تركه وحذفه من الطريق الأخرى، ولم يكن هذا اختلافًا أصلًا" (٣).

وأما العلة الثانية وهي: تدليس الأعمش فإنها لا تؤثر في صحة الإسناد؛ لأن الأعمش معدود في الطبقة الثانية من المدلسين، وهم الذين احتمل الأئمة تدليسهم وأخرجوا لهم في الصحيح، لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا كالثوري أو لأنهم لا يدلسون إلا عن ثقات كابن عيينة، كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه: "تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس" (٤).

ثم إن الثوري قد تابع الأعمش في رواية هذا الحديث عن حبيب بن


= الهروي، إمام حافظ ناقد مجوِّد، من أقران الطبراني وابن عدي، ويُعرف بابن عمار الشهيد، لأنه قتل في الحرم على يد القرامطة سنة (٣١٧ هـ). [انظر: السير (١٤/ ٥٣٨)، والعبر (١/ ٤٧٥)، وشذرات الذهب (٢/ ٢٧٥)].
(١) انظر: تاريخ بغداد (٩/ ٤ - ١٢)، وسير أعلام النبلاء (٦/ ٢٤٦، ٢٣٢).
(٢) انظر: عقيدة أهل الإيمان (٢٢)، ودفاع أهل السنة والإيمان (٩).
(٣) بيان تلبيس الجهمية، القسم السادس (٢/ ٤٥٩).
(٤) انظر: ص (٢٣، ٦٧).

<<  <   >  >>