للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الترجيح]

القاعدة عند أهل السنة والجماعة في نصوص الكتاب والسنة -وخاصة نصوص الصفات- أنهم يجرونها على ظاهرها من دون تكييف ولا تمثيل، ويؤمنون بها على مراد الله تعالى، ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

قال الشافعي رحَمه الله: "آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (١).

إذا علم هذا فإن الذي يترجح في هذه المسألة -والله تعالى أعلم بالصواب- هو إثبات صفة الملل لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته، مع نفي توهم النقص في حقه تعالى، بأي وجه من الوجوه.

فشأن هذه الصفة شأن بقية الصفات التي تثبت لله تعالى على وجه الكمال، وإن كانت في حق المخلوقين ليست كمالًا، كالاستهزاء والمكر والخداع.

ويكون المعنى: إن الله تعالى لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل، كما نص عليه إمام من أئمة السلف وعالم من علماء اللغة، وهو إبراهيم الحربي، رحمه الله تعالى (٢).

وهو الذي يدل عليه سياق الحديث، ولذلك أرشد عليه الصلاة والسلام إلى عدم حمل النفس على ما يشق عليها من العبادة، حتى لا تمل


(١) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥٤)، وانظر: (٤/ ٢).
(٢) انظر: ص (٢٢٤ - ٢٢٥) من هذا البحث.

<<  <   >  >>