للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال]

ذكر الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ الله أن في حديث شريك أكثر من عشر إشكالات، وقد اجتهد في محاولة الإجابة عنها، ببيان عدم التفرد تارة، وبالتأويل تارة أخرى، وبيَّن أن هذا المسلك هو الأولى في التعامل مع مخالفات شريك، حيث قال: "والأولى: التزام ورود المواضع التي خالف فيها غيره، والجواب عنها، إما بدفع تفرده، وإما بتأويله على وفاق الجماعة، ومجموع ما خالفت فيه رواية شريك غيره من المشهورين عشرة أشياء، بل تزيد على ذلك" (١).

والحق أن في بعض هذه المخالفات -التي عُدت على شريك- نظر، إذ الصواب فيها مع شريك رَحِمَهُ الله، إما لموافقة غيره له فيها، وحينئذٍ تنتفي دعوى التفرد، وإما لكونها ليست مخَالَفة في الحقيقة.

ويبقى عدد من هذه المخالفات يصعب الإجابة عنها، ومن رام ذلك فقد تكلف عنتًا، وفيما يلي عرض لهذه المخالفات مرتبة حسب ورودها في الحديث، مع بيان ما يترجح فيها حسب الإمكان:

أولًا: قوله: (ليلة أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجد الكعبة، أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه) ففي هذا أن حادثة الإسراء والمعراج وقعت قبل البعثة، وهذا خطأ ظاهر، والعلماء مجمعون على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء، فكيف يكون ذلك إذا كان الإسراء قبل أن يوحى إليه؟ ! (٢)


(١) فتح الباري (١٣/ ٤٨٥)، وانظر: (١٣/ ٤٨٦).
(٢) انظر: إكمال المعلم (١/ ٤٩٨)، وشرح النووي على مسلم (٢/ ٥٦٨)، وفتح =

<<  <   >  >>