للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن حذيفة -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلي الله عليه وسلم- يقول: (إن رجلًا حضره الموت، لما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا مت فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا، ثم أوروا نارًا، حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي فخذوها فاطحنوها، فذروني في اليم في يوم حار أو راح (١)، فجمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك، فغفر له)، قال عقبة: وأنا سمعته يقول (٢).

وفي لفظ آخر عن حذيفة عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: (كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله، فقال لأهله: إذا أنا مت فخذوني فذرُّوني في البحر في يوم صائف، ففعلوا به، فجمعه الله ثم قال: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: ما حملني إلا مخافتك، فغفر له) (٣).

[بيان وجه الإشكال]

هذا الحديث متواتر (٤) عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، رواه أصحاب الصحاح والمسانيد عن عدد من الصحابة رضوان الله عليهم، وقد استشكله العلماء، لأن ظاهره أن هذا الرجل شاك في قدرة الله تعالى على إعادته بعد حرقه وسحقه، والشك في صفة من صفات الله تعالى، أو البعث والمعاد كفر


= (٥/ ٢٣٧٨) ح (٦١١٦)، وفي كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (٦/ ٢٧٢٦) ح (٧٠٦٩).
ومسلم في كتاب التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى (١٧/ ٨٠) ح (٢٧٥٧).
(١) أي: يومًا ذا ريح، يقال: يوم راحٌ، أي: ذو ريح. [انظر: أعلام الحديث (٣/ ١٥٦٥)، والنهاية في غريب الحديث (٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، وفتح الباري (٦/ ٥٢٢)].
(٢) أخرجه البخاري في مواضع: في كتاب الأنبياء، باب: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} (٣/ ١٢٨٣) ح (٣٢٩٢)، وباب: ما ذكر عن بني إسرائيل (٣/ ١٢٧٢) ح (٣٢٦٦).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب: الخوف من الله (٥/ ٢٣٧٧) ح (٦١١٥).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٩١)، وإيثار الحق (٣٩٤)، والعواصم (٤/ ١٧٥) كلاهما لابن الوزير.

<<  <   >  >>