للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الترجيح]

الذي يدل عليه ظاهر الروايات المتقدمة أن المراد بالردة: الردة عن الإسلام، وأن المذادين عن الحوض هم نفر قليل ممن صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ارتد بعد موته، وهم الذين قاتلهم أبو بكر -رضي الله عنه-، وليس فيهم أحد من مشاهير الصحابة الذين رسخت أقدامهم في الإسلام، وإنما غالبهم من الأعراب وحديثي العهد في الإسلام، ممن لم يستحكم الإيمان في قلوبهم، وقد يكون منهم من لم يرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا المرة والمرتين.

قال البغدادي (١): "أجمع أهل السنة على إيمان المهاجرين والأنصار من الصحابة ... وأجمع أهل السنة على أن الذين ارتدوا بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- -من كندة وحنيفة وفزارة وبني أسد وبني بكر بن وائل- لم يكونوا من الأنصار ولا من المهاجرين قبل فتح مكة، وإنما أطلق الشرع اسم المهاجرين على من هاجر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل فتح مكة، وأولئك بحمد الله ومَنِّهِ دَرَجوا على الدين القويم والصراط المستقيم" (٢).

وقال العلامة محمد أمين السويدي (٣): "لم يقل أحد من أهل السنة:


(١) هو أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي الفقيه الشافعي، نزيل خراسان، وأحد أعلام الشافعية، كان علامة ماهرًا في فنون كثيرة، وله مصنفات في النظر والعقليات، ومن مصنفاته: أصول الدين، والفرق بين الفرق، توفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة (٤٢٩). [انظر: وفيات الأعيان (٣/ ١٧٤)، والسير (١٧/ ٥٧٢)، والبداية والنهاية (١٢/ ٤٨)].
(٢) الفرق بين الفرق (٣١٨).
(٣) هو أبو الفوز محمد أمين بن علي بن محمد بن سعيد السويدي العباسي البغدادي، =

<<  <   >  >>