للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال]

لم يختلف أهل السنة والجماعة في إثبات هذه الصفة لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته.

قال ابن القيم: "أما الصبر فقد أطلقه عليه أعرف الخلق به، وأعظمهم تنزيهًا له بصيغة المبالغة" (١)، ثم ذكر حديث أبي موسى المتقدم.

كما لم يختلفوا في معنى هذه الصفة المضافة إلى الله تعالى، على ما هو معلوم من معنى الصبر في اللغة والشرع، بعيدًا عن تأويلات المتكلمين، التي تخرج الكلام عن ظاهره، وتبعده عن مراد المتكلم به (٢).

فمعنى صبر الله تعالى -كما يدل عليه آخر الحديث-: الذي لا يعاجل العصاة بالعقوبة (٣)، بل يزيد على ذلك أن يحسن إليهم، فيعافيهم ويرزقهم.

قال ابن القيم في نونيته (الكافية الشافية):

وهو الصبور على أذى أعدائه ....... شتموه بل نسبوه للبهتان


(١) عدة الصابرين (٤٢٠)، وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١١/ ١٦٠).
(٢) انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٤٨٢)، والأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (١/ ١٣٨).
(٣) انظر: الحجة في بيان المحجة (٢/ ٤٨٩)، وعدة الصابرين (٤٢٢ - ٤٢٣)، وتوضيح الكافية الشافية للسعدي، مطبوع ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي (٣/ ٣٨١ - ٣٨٢)، وبهذا المعنى قال بعض أهل التأويل، انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (١/ ١٤٨)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (٨/ ٣٣٦)، والأسنى للقرطبي (١/ ١٣٨).

<<  <   >  >>