للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بيان وجه الإشكال]

أشكل هذا الحديث على كثير من الناس، حيث إن ظاهره قد يوهم أن المحاجة بين آدم وموسى -عليهم السلام- كانت متوجهة إلى المعصية (١)، ولما كانت الحجة لآدم -عليه السلام- فقد يفهم البعض -بناءً على هذا الوهم- جواز الاحتجاج بالقدر على فعل المعصية، ولذا فقد تباينت الآراء في توجيه هذا الحديث، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

قال ابن تيمية عن هذا الحديث: "لما توهم من توهم أن ظاهره: أن المذنب يحتج بالقدر على من لامه على الذنب، اضطربوا فيه: فكذَّب به طائفة من القدرية (٢)


= (١٦/ ٥٦) ح (٨١٤٣)، وحكم عليه أحمد شاكر بالصحة.
- وجاء أيضًا من طريق أبي صالح، كما عند الترمذي (تحفه ٦/ ٣٣٦) ح (٢٢١٧)، وحكم الألباني عليه بالصحة، كما في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٢٢٣) ح (١٧٣٣)، وكذا عند ابن أبي عاصم في السنة (١/ ٦٤)، وقال الألباني: "إسناده صحيح".
- وجاء أيضًا من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، كما عند الفريابي في كتاب القدر (٩٣، ٩٤) ح (١١٣، ١١٤)، وابن منده في الرد على الجهمية (٧١)، وابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١٧، ١٢).
- وجاء أيضًا من طريق حميد بن عبد الرحمن، كما عند اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٤/ ٦٤٢).
(١) انظر: الروض الباسم لابن الوزير (٢/ ٤٦٥).
(٢) القدرية: تنقسم القدرية النفاة إلى فرقتين:
١ - القدرية الأولى أو الغلاة: وهم الذين ينكرون سبق علم الله بالأشياء قبل وجودها، ويزعمون أن الله لم يقدر الأمور أزلًا ولم يتقدم علمه بها وإنما يأتنفها علمًا حال وقوعها.
٢ - الفرقة الثانية: وهم الذين يقرون بتقدم علم الله تعالى لأفعال العباد قبل وقوعها، لكنهم خالفوا السلف في زعمهم أن أفعال العباد ليست مخلوقة لله تعالى ولا مقدورة له، وأن العباد هم الموجدون والخالقون لأعمالهم وأفعالهم على جهة الاستقلال، وهذا المذهب هو الغالب عليهم الآن.
وأول من أظهر بدعة القدر -كما يرجحه كثير من المحققين- معبد الجهني، ثم =

<<  <   >  >>