للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو بنخلة (١)، عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (٢)} [الجن: ١، ٢]، فأنزل الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} [الجن: ١] وإنما أوحي إليه قول الجن. متفق عليه (٢).

[بيان وجه الإشكال]

استشكل أهل العلم (٣) هذين الحديثين من حيث إن ظاهرهما قد يُفهم منه التعارض، فالحديث الأول صريح في أن الشهب قد كان يُرمى بها في الجاهلية، بينما الحديث الثاني يدل على أن الرمي بالشهب إنما كان بعد مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- ونزول القرآن!

* * *


(١) موضع بين مكة والطائف، على مسافة ليلة من مكة. [انظر: فتح الباري (٨/ ٦٧٤)، والجواب الصحيح (٦/ ٦٠)].
(٢) البخاري في موضعين: في كتاب: صفة الصلاة، باب: الجهر بقراءة صلاة الفجر (١/ ٢٦٧) ح (٧٣٩)، وفي كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة الجن (٤/ ١٨٧٣) ح (٤٦٣٧)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح، والقراءة على الجن (٤/ ٤١١) ح (٤٤٩).
(٣) انظر: شرح مشكل الآثار (تحفة ٨/ ٥٨٤)، وفتح الباري (٨/ ٦٧٢).

<<  <   >  >>