للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الترجيح]

الحق أن الجمع بين هذه النصوص قد جاء صريحًا في المحاورة التي جرت بين عبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر -رضي الله عنهما- -وهو ما قال به: أصحاب القول الأول- فعن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال: كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، هم شر من أهل الجاهلية، لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم)، فبينما هم على ذلك أقبل عقبة بن عامر، فقال له مسلمة: يا عقبة اسمع ما يقول عبد الله، فقال عقبة: هو أعلم، وأما أنا فسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك)، فقال عبد الله: (أجل، ثم يبعث الله ريحًا كريح المسك، مسها مس الحرير، فلا تترك نفسًا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة)، رواه مسلم (١).

فهذا الحديث قاطع للنزاع، مزيل للإشكال، وذلك أن الطائفة التي لا تزال على الحق ظاهرة، تستمر كذلك إلى حين قرب قيام الساعة عندما يرسل الله تعالى تلك الريح الباردة الطيبة التي لا تدع مؤمنًا إلا قبضته، حتى إذا خلت الأرض من الأخيار ولم يبقَ فيها إلا الأشرار قامت عليهم الساعة.


(١) صحيح مسلم: كتاب: الإمارة، باب: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق) (١٣/ ٧٢) ح (١٩٢٤).

<<  <   >  >>