للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر بعد سياقه هذه القصة: "هذا أولى ما يتمسك به في الجمع بين الحديثين المذكورين" (١).

وقال البرزنجي: "قول ابن عمرو هذا في مقابلة ما رواه عقبة كالصريح فيما قلناه" (٢).

وعلى هذا، يكون المراد بقوله: (ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة)، و (على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة) أي: قرب ذلك.

قال القاضي عياض: "لا تزال هذه الطائفة على الصفة التي وصفها به إلى أن يقبضهم الله فيمن يقبض من المؤمنين قرب الساعة، وإذ أُظهرت أشراطها فقد حان يومها وقرب وقتها" (٣).

وأما قوله: (حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون)، فالمراد: حكمه وقضاؤه بهبوب الريح الطيبة كما تقدم.

ومما يؤيد هذا ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فذكر خروج الدجال وقَتْلَ عيسى عليه السلام له، ثم قال في آخره: (ثم يرسل الله ريحًا باردة من قِبَلِ الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه، قال: فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دارٌ رزقُهم حسنٌ عيشُهم، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتًا (٤) ورفع ليتًا) (٥).


(١) الفتح (١٣/ ٢٩٤).
(٢) الإشاعة (٣٦٩)
(٣) إكمال المعلم (١/ ٤٩٥)، وانظر: الإشاعة (٣٦٩).
(٤) الليت: صفحة العنق، والمعنى: إلا أمال صفحة عنقه. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (٤٠٥)، والمجموع المغيث (٣/ ١٦٧)، والنهاية (٤/ ٢٨٤)].
(٥) صحيح مسلم: كتاب الفتن، باب: في خروج الدجال ومكثه في الأرض (١٨/ ٢٨٧) ح (٢٩٤٠).

<<  <   >  >>