للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال]

للناس مع هذه الأحاديث ثلاثة مواقف:

الموقف الأول: الجمع بينها وبين الآيات التي تنص على أن دخول الجنة يكون بالأعمال، وذلك بالعمل بها جميعًا، حيث قالوا: إنه لا تنافي بينها، لأن توارد النفي -الذي في الحديث- والإثبات -الذي في الآية- ليس على محل واحد، وعلى هذا القول أهل السنة والجماعة ومن وافقهم، ولكنهم اختلفوا في كيفية الجمع على أقوال، أشهرها:

القول الأول: أن المنفي في الحديث: (لن ينجو أحد منكم بعمله) هو كون العمل عوضًا وثمنًا كافيًا للنجاة ودخول الجنة، إذ لا بد من عفو الله وفضله ورحمته، فالذي نفاه النبي -صلى الله عليه وسلم-: باء المقابلة والعوض، وكون دخول الجنة بمجرد الأعمال.

وأما المثبت في الآية: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٣٢] فهو: باء السببية، أي: بسسب أعمالكم، فالأعمال سبب لدخول الجنة.

وإلى هذا القول ذهب جمع من أهل العلم كالنووي (١)، وابن تيمية (٢)، وابن القيم، وابن كثير (٣)، وابن أبي العز (٤)، والعراقي (٥)، وابن


(١) انظر: شرح النووي على مسلم (١٧/ ١٦٦).
(٢) انظر: الفرقان (٩٦)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٧٠).
(٣) انظر: تفسير ابن كثير (٢/ ٣٤٥)، و (٤/ ٢٠٤).
(٤) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (٦٤٢ - ٦٤٣، ٦٦٢ - ٦٦٣).
(٥) انظر: طرح التثريب (٨/ ٢٤١). والعراقي هو: الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم المهراني المولد، العراقي الأصل =

<<  <   >  >>