للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السعدي عن هذه السورة: "دلت على أن السحر له حقيقة، يُخشى من ضرره، ويُستعاذ بالله منه، ومن أهله" (١).

[ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره]

١ - حديث عائشة -رضي الله عنها- -المتقدم- في سحر لبيد بن الأعصم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيأتي الكلام عليه قريبًا.

قال أبو عبد الله القرطبي: "وفيه -أي: الحديث- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمَّا حُلَّ السحر: (إن الله شفاني)، والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، فدلَّ على أن له حقًا وحقيقة، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه، وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق" (٢).

٢ - حديث عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوةً، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سِحر)، متفق عليه (٣). ففي هذا الحديث أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ما فيه وقاية من ضرر السحر، مما يدل على أن له حقيقة وأثرًا، إذ لا يُتوقى إلا ما كان كذلك، كما أن في قرنه بالسم المتفق على حقيقته وأثره، دليلًا على أنه مثله في ذلك (٤).

وأما دلالة الواقع على حقيقة السحر وأثره فأشهر من أن تُذكر، حيث تواترت أخباره وآثاره عند الناس، فلا تكاد تجد أحدًا ينكر حقيقته أو ينفي أثره.


(١) تيسير الكريم الرحمن (٧/ ٦٨٨)، وانظر: الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (١/ ٥٢١)، والكافي لابن قدامة (٥/ ٣٣١)، وأضواء البيان (٤/ ٤٧٤).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١/ ٤٦).
(٣) البخاري: (٥/ ٢٠٧٥) ح (٥١٣٠)، ومسلم: (١٤/ ٢٤٥) ح (٢٠٤٧).
(٤) انظر: السحر بين الحقيقة والخيال (٧٨).

<<  <   >  >>