للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشوكاني: "في إسناد التفريق إلى السحرة، وجعل السحر سببًا لذلك، دليل على أن للسحر تأثيرًا في القلوب بالحب والبغض، والجمع والفرقة، والقرب والبعد" (١).

وقال السعدي عند الآية السابقة: "وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله، أي: بإرادة الله" (٢).

ج- أن الاستثناء في قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} يدل على حصول الضرر بسببه (٣)، لكنه لا يكون إلا بإذن الله الكوني القدري.

٢ - قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)} [الفلق: ١ - ٥].

ففي هذه السورة أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالاستعاذة من شر النفاثات في العقد، وهن السواحر، اللاتي يستعنَّ على سحرهن بالنفث في العقد (٤)، مما يدل على أن للسحر حقيقة وأثرًا، وإلا لما كان للأمر بالاستعاذة منهن معنى، وقد حكى أبو عبد الله القرطبي اتفاق المفسرين على أن سبب نزول هذه السورة، ما تعرض له النبي -صلى الله عليه وسلم- من سحر لبيد بن الأعصم (٥).

قال ابن القيم: "وقد دلَّ قوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)} وحديث عائشة المذكور على تأثير السحر وأن له حقيقة" (٦).


(١) فتح القدير (١/ ١٢٠).
(٢) تيسير الكريم الرحمن (١/ ١١٩)، وانظر: أضواء البيان (٤/ ٤٧٤، ٥٠٦).
(٣) انظر: التفسير الكبير للرازي (٣/ ٢١٣).
(٤) انظر: جامع البيان (١٢/ ٧٥٠)، ومعالم التنزيل (٤/ ٥٤٧)، والجامع لأحكام القرآن (٢٠/ ٢٥٧)، وتفسير القرآن العظيم (٤/ ٩١٧)، وأضواء البيان (٩/ ٦٣٨)، وتيسير الكريم الرحمن (٧/ ٦٨٧).
(٥) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٤٦)، وأضواء البيان (٩/ ٦٣٨).
(٦) بدائع الفوائد (٢/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>