للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال]

اختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث على عدة أقوال، وهي كالتالي:

القول الأول: أن هذا الوعيد فيمن قصد مضاهاة خلق الله تعالى، لأن من كان هذا قصده فهو كافر، بخلاف ما لو صوَّر بدون قصد المضاهاة فإنه لا يكفر، لكنه اقترف ذنبًا كبيرًا (١).

وإلى هذا ذهب الطبري وابن بطال، واستدلا برواية عائشة -رضي الله عنها-: (أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)، متفق عليه.

قال الطبري: "ليس في خبر ابن مسعود خلاف للتنزيل (٢)، بل هو له مصدق، وذلك أن المصوِّر الذي أخبر النبي -عليه السلام- أنه له أشد العذاب هو الذي وصفه النبي -عليه السلام- في حديث عائشة بقوله: (الذين يضاهون خلق الله) " (٣).

وقال ابن بطال معقبًا على كلام الطبري: "المتكلف من ذلك مضاهاة ما صوره ربه في خلقه أعظم جرمًا من فرعون وآله، لأن فرعون كان كفره بقوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: ٢٤] من غير ادعاءٍ منه أنه يخلق، ولا


(١) انظر: إكمال المعلم (٦/ ٦٣٨)، وشرح النووي على مسلم (١٤/ ٣٣٩)، وكشف المشكل (١/ ٢٨٠).
(٢) يشير إلى قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}.
(٣) نقل ذلك عنه ابن بطال (٩/ ١٧٥)، وانظر: الفتح (١٠/ ٣٨٣)، وعمدة القاري (٢٢/ ٧٠).

<<  <   >  >>