للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستدلال له بحديث: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا ... ). فقد رده ابن قتيبة رحمه الله فقال: "قال قوم من أصحاب الكلام: أراد خلق آدم على صورة آدم، لم يزد على ذلك.

ولو كان المراد هذا، ما كان في الكلام فائدة، ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته، والسباع على صورها، والأنعام على صورها؟ !

وقال قوم: إن الله تعالى خلق آدم على صورة عنده، وهذا لا يجوز؛ لأن الله عزَّ وجلَّ لا يخلق شيئًا من خلقه على مثال" (١).

كما رده شيخ الإسلام ابن تيمية من عدة وجوه، فقال رحمه الله: "وأما قول من قال: الضمير عائد إلى آدم كما ذُكر ذلك للإمام أحمد عن بعض محدثي البصرة ويذكر ذلك عن أبي ثور، فهو كما قال الإمام أحمد: هذا تأويل الجهمية، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه (٢).

وقد زعم المؤسس (٣) أنه أولى الوجوه الثلاثة، وليس كما ذكره، بل هو أفسد الوجوه الثلاثة، ولهذا لم يعدل إليه ابن خزيمة إلا عند الضرورة لرواية من روى (على صورة الرحمن)، ولقوله ابتداءً: (إن الله خلق آدم على صورته)، فأما حيث ظن أن التأويل الأول ممكن فلم يقل هذا.

[وبيان فساده من وجوه]

أحدها: أنه إذا قيل: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورة آدم، أو: لا تقبحوا الوجه ولا يقل أحدكم: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورة آدم. كان هذا من أفسد


(١) تأويل مختلف الحديث (٢٠٤)، وانظر -أيضًا- في الرد على هذا التأويل: إبطال التأويلات (١/ ٦٩ - ٧٣).
(٢) انظر: ص (١٢٤) من هذا البحث.
(٣) المؤسس هو الرازي نسبةً إلى كتابه: "أساس التقديس"، وكلامه هذا تقدم في ص (١٢٠) هامش (٢).

<<  <   >  >>