للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكان ذكر سائر الأنبياء والمرسلين بالعموم هو الوجه، وكان تخصيص غير آدم بالذكر أولى، كإبراهيم وموسى وعيسى -وإن كان آدم أباهم- فليس هذا المقام مقامًا له به اختصاص على زعم هؤلاء (١).

الوجه الخامس: وهو قاطع أيضًا أن يقال: كون الوجه يشبه وجه آدم، مثل كون سائر الأعضاء تشبه أعضاء آدم، فإن رأس الإنسان يشبه رأس آدم، ويده تشبه يده، ورجله تشبه رجله، وبطنه وظهره وفخذه وساقه يشبه بطن آدم وظهره وفخذه وساقه، فليس للوجه بمشابهة آدم اختصاص، بل جميع أعضاء البدن بمنزلته في ذلك، فلو صح أن يكون هذا علة لمنع الضرب، لوجب أن لا يجوز ضرب شيء من أعضاء بني آدم؛ لأن ذلك جميعه على صورة أبيهم آدم، وفي إجماع المسلمين على وجوب ضرب هذه الأعضاء في الجهاد للكفار والمنافقين وإقامة الحدود، مع كونها مشابهة لأعضاء آدم وسائر النبيين دليل على أنه لا يجوز المنع من ضرب الوجه ولا غيره لأجل هذه المشابهة.

الوجه السادس: أنه لو كان علة النهي عن شتم الوجه وتقبيحه أنه يشبه وجه آدم، لَنُهِيَ -أيضًا- عن الشتم والتقبيح لسائر الأعضاء، فيقال مثلًا: لا يقولنَّ أحدكم: قطع الله يدك، ويد من أشبه يدك ...

الوجه السابع: أنه قد روي من غير وجه (على صورة الرحمن) (٢)، وهذا نص صريح في عود الضمير على الله تعالى، وإبطال عوده على المضروب.

- وأما دليلهم الثالث وهو: أن حمل اللفظ على ظاهره يقتضي التشبيه، فقد تقدمت الإجابة عنه بما يغني عن إعادته.

وأما التأويل الثاني: وهو القول: بإعادة الضمير إلى آدم عليه السلام،


(١) انظر: إبطال التأويلات (١/ ٨٥).
(٢) انظر في هذه الوجوه: بيان تلبيس الجهمية، القسم السادس (٢/ ٤٤٢ - ٤٤٩).

<<  <   >  >>