للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فقوله: (فإذا أنا بربي في أحسن صورة) صريح في أن الذي كان في أحسن صورة هو ربه" (١).

[مناقشة الأقوال المرجوحة]

أما القول الأول: وهو الذي ذهب إليه ابن خزيمة (٢) وغيره، والذي


= وهذا الحديث يفيد أن الله تعالى قد يُرى في المنام، لكن ليس على حقيقته التي هو عليها الآن سبحانه وتعالي.
قال الدارمي في النقض على المريسي (٢/ ٧٣٨): "وفي المنام يمكن رؤية الله تعالى على كل حال وفي كل صورة".
وقد نقل القاضي عياض اتفاق العلماء على جواز رؤية الله في المنام وصحتها. [انظر: إكمال المعلم (٧/ ٢٢٠)، ومسلم بشرح النووي (١٥/ ٣١)، وفتح الباري (١٢/ ٣٨٧)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد يَرى المؤمن ربه في المنام في صور متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحًا لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه، ورؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة، ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق". [مجموع الفتاوى (٣/ ٣٩٠)].
وقال أيضًا: "ورؤية الله تعالى في المنام جائزة بلا نزاع بين أهل الإثبات، وإنما أنكرها طائفة من الجهمية، وكأنهم جعلوا ذلك باطلًا، وإلا فما يمكنهم إنكار وقوع ذلك". [بيان تلبيس الجهمية، القسم السابع (١/ ٤٣١)، وانظر: (١/ ٧٣ - ٧٤) من نفس الكتاب، طبعة محمد بن قاسم، وإبطال التأويلات لأبي يعلى (١/ ١٢٧)].
(١) بيان تلبيس الجهمية، القسم السابع (١/ ٤٠٢).
(٢) التركيز على ابن خزيمة رحمه الله في هذه المسألة دون غيره ممن قال بقوله، لأنه معدود في أهل السنة، بل هو إمام من أئمتهم، فتأويله لهذا الحديث مستغرب منه، أما أهل الكلام المؤولين لهذا الحديث فغير مستغرب منهم ذلك، لأن التأويل الباطل -لنصوص الصفات- مطيتهم فهم أهله وأربابه.
وجدير بالتنبيه هنا: أن ابن خزيمة رحمه الله لا ينفي صفة الصورة لله تعالى بل يثبتها، فقد عقد بابًا في كتاب التوحيد (١/ ٤٥) بعنوان: "باب ذكر صورة ربنا جل وعلا"، ثم ذكر تحته ما يتصف به وجه الله تعالى -مما ورد ذكره في النصوص- من =

<<  <   >  >>