للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه إعادة الضمير على غير الله تعالى، ففي حديث: (إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته)، قالوا: بإعادة الضمير على المضروب.

وفي حديث: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا ... ) جعلوا الضمير فيه عائدًا إلى آدم عليه السلام.

فيجاب عنه بجوابين أحدهما مجمل، والآخر مفصل:

أما المجمل فهو أن يقال: هذا تأويل بعيد جدًا عن ظاهر اللفظ، والأصل حمل اللفظ على ظاهره، كما أن في هذا القول موافقة لأهل الكلام المحرفين لنصوص الصفات عن ظاهرها، ولهذا عد الإمام أحمد هذا التأويل من تأويلات الجهمية وأنكره أشد الإنكار، فقال رحمه الله: "من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم، فهو جهمي .. ".

ولمَّا قيل له: إن فلانًا يقول في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله خلق آدم على صورته): على صورة الرجل، قال: "كذب هذا، هذا قول الجهمية .. " (١).

وعند التأمل نجد أن الشبهة التي أوقعت إمام الأئمة -ابن خزيمة- وغيره في هذا التأويل هي: توهم المشابهة، ولذلك اجتهد في تأويله وصرفه عن ظاهره، فجعل متعلق الضمير في كل حديث غيره في الحديث الآخر.

ففي حديث: (إذا قاتل أحدكم أخاه ... ) جعل الضمير عائدًا إلى المضروب.


= السبحات والنور والجلال والإكرام، وعقد قبله (١/ ٢٤) بابًا بعنوان: "باب ذكر إثبات وجه الله"، وساق تحته بعض النصوص الدالة على إثبات هذه الصفة لله تعالى على ما يليق بجلاله، ولكن ابن خزيمة رحمه الله تعالى ينفي -هنا- مماثلة صورة آدم لصورة الله تعالى، وهذا حق، لكن ليس في حمل هذه النصوص على ظاهرها ما يقتضي التمثيل، كما تقدم، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى.
(١) انظر: ص (١٢٤) من هذا البحث.

<<  <   >  >>