للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الترجيح]

الذي يجب في مثل هذه النصوص الصحيحة: الإيمان بها كما جاءت، وعدم ردها أو تأويلها بما يخرجها عن ظاهرها، لمجرد استشكالها، فمن ظهر له المعنى فذاك، وإلا فليتهم عقله وفهمه.

وقد سُئل أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه عن هذا الحديث في جملة من أحاديث الصفات فقال أحمد: "كل هذا صحيح" وقال إسحاق: "هذا صحيح ولا يدفعه إلا مبتدع، أو ضعيف الرأي" (١).

وقال الحافظ عبد الغني المقدسي (٢): "ونؤمن بأن ملك الموت أُرسل إلى موسى عليه السلام فصكَّه ففقأ عينه، كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا ينكره إلا ضال مبتدع، راد على الله ورسوله" (٣).

وأقرب الأقوال مما تقدم -والله تعالى أعلم بالصواب- القول الأول، وهو: أن موسى حينما لطم ملك الموت ففقأ عينه، لم يكن يعرف أنه ملك


(١) رواه الآجري في الشريعة (٣/ ١١٢٧) ح (٦٩٧)، وابن عبد البر في التمهيد (٧/ ١٤٧ - ١٤٨).
(٢) هو تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الحنبلي، إمام عالم حافظ صادق عابد أثري متبع، وكان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم، له مصنفات عديدة منها: الاقتصاد في الاعتقاد، وذم الرياء، وفضائل الحج، توفي سنة ستمائة (٦٠٠). [انظر: السير (٢١/ ٤٤٣)، وتذكرة الحفاظ (٤/ ١٣٧٢)، وشذرات الذهب (٤/ ٣٤٥)].
(٣) عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي (٩٥).

<<  <   >  >>