للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال]

حاصل أقوال أهل العلم في هذه المسألة تؤول إلى مسلكين:

المسلك الأول: أن الملل صفة ثابتة لله تعالى بهذا الحديث: (لا يمل الله حتى تملوا)، وعلى هذا فهي بالنسبة لله تعالى صفة كمال، لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وهذا بخلاف ملل المخلوق، فإنه نقص ظاهر لأنه يدل على السآمة والضجر.

فشأن هذه الصفة، شأن سائر الصفات التي تثبت لله تعالى على وجه الكمال، وإن كانت في حق المخلوقين ليست كمالًا (١)، كصفة الاستهزاء من المستهزئين، وخداع المخادعين، والمكر بالماكرين.

وقد نص على هذا القول: القاضي أبو يعلى والشيخ محمد بن إبراهيم (٢)، عليهما رحمة الله، وهو ظاهر كلام إبراهيم الحربي (٣) رحَمه اللهُ حيث


(١) انظر: مجموع فتاوى ابن عثيمين (١/ ١٧٤).
(٢) هو العلامة الفقيه محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها، ومرجع أمورها الدينية والإسلامية، وكان إلى جانب علمه وإمامته ذا ورع وزهد، ورجاحة عقل وحسن تصرف، له عدة رسائل وفتاوى جمعت في عدة مجلدات، توفي رحمه الله سنة (١٣٨٦). [انظر: علماء نجد (١/ ٢٤٢)، ومعجم المؤلفين (٣/ ٣٢)].
(٣) هو الإمام الحافظ العلامة أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير البغدادي الحربي، صاحب التصانيف، طلب العلم وهو حدث وتفقه على الإمام أحمد بن حنبل، وبرع في العلم والعمل، وكان إمامًا في جميع الفنون متقنًا محتسبًا عابدًا زاهدًا، نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة جدًا حسانًا جيادًا، توفي رحَمه اللهُ ببغداد سنة (٢٨٥ هـ)، وله تصانيف منها: غريب الحديث. =

<<  <   >  >>