للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الترجيح]

الذي يمكن الجزم به هنا أن الشك في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى منفي عن آحاد الأنبياء -عَلَيْهِم السَّلَامُ-، فضلًا عمن بلغ مرتبة الخلة وعظيم المنزلة عند الله تعالى، كإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، بل ذلك مستحيل في حقهم -باعتبار حالهم لا باعتبار بشريتهم- لأنهم أنبياء، والأنبياء أعلم الناس بربهم وما يتصف به من صفات الحسن والكمال، والتي منها صفة القدرة، فهم يعلمون أن الله تعالى متصف بكمال القدرة والإرادة فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فتصور وقوع الشك منهم باطل، لأنه كفر والكفر لا يجوز في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كيف وهم الذين اختارهم الله تعالى واصطفاهم لتبليغ رسالاته وتحكيم شرعه؟ ! .

قال القاضي عياض عن عصمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيره من الأنبياء فيما يتعلق بأمور الدين: "اعلم -منحنا الله وإياك توفيقه- أن ما تعلق منه بطريق التوحيد، والعلم بالله وصفاته، والإيمان به وبما أوحي إليه، فعلى غاية المعرفة، ووضوح العلم واليقين، والانتفاء من الجهل بشيء من ذلك، أو الشك أو الريب فيه، والعصمة من كل ما يضاد ذلك واليقين، هذا ما وقع إجماع المسلمين عليه، ولا يصح بالبراهين الواضحة أن يكون في عقود الأنبياء سواه" (١).

وقال ابن الوزير: "أجمعت الأمة على عصمة الأنبياء -عَلَيْهِم السَّلَامُ- عن الجهل بالله تعالى وصفاته وقواعد شرائعه، وعلى صحة عقائدهم فيما يتعلق


(١) الشفاء (٣٠٩).

<<  <   >  >>