للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأفعال الله وحكمته وجلالته" (١).

وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: (نحن أحق بالشك من إبراهيم) فليس فيه إثبات للشك، كما قد يُتوهم، ولذا قال ابن كثير رحمه الله تعالى، عند هذا الحديث: "ليس المراد ههنا بالشك: ما قد يفهمه من لا علم عنده، بلا خلاف" (٢).

ومعنى الحديث الذي لا يحتمل غيره (٣): -ما جاء في القول الأول من- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد نفي الشك عن إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فقوله: (نحن أحق بالشك من إبراهيم) أي: إن إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لم يطلب رؤية إحياء الموتى لأجل الشك، لأنه لو كان شاكًا لكنا نحن أحق بالشك منه، وحيث إنا لا نشك فإن إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لم يكن شاكًا من باب أولى (٤)، ولا يلزم من هذا أن يكون إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أفضل من نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، لأنه قال ذلك تواضعًا وأدبًا (٥).

وسبب تخصيص إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بالذكر، لكون آية البقرة قد يسبق منها إلى بعض الأذهان وقوع الشك منه (٦).

قال ابن عطية عن هذا الحديث: "معناه: أنه لو كان شك لكنا نحن أحق به، ونحن لا نشك، فإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أحرى ألا يشك، فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم" (٧).

وقال ابن حزم: "أما ما رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، من قوله: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)، فمن ظن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شك قط في قدرة ربه -عَزَّ وَجَلَّ- على


(١) الروض الباسم (٢/ ٤٦٥).
(٢) تفسير القرآن العظيم (١/ ٤٧١).
(٣) انظر: تفسير القرآن الكريم للعثيمين (٣/ ٣٠٥).
(٤) انظر: منة المنعم في شرح صحيح مسلم (١/ ١٣٣).
(٥) وقيل إنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه خير ولد آدم. [نظر: شرح النووي على مسلم (٢/ ٥٤٢)].
(٦) انظر: شرح النووي على مسلم (٢/ ٥٤٢).
(٧) المحرر الوجيز (٢/ ٣٠٣).

<<  <   >  >>