للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشكل في القرآن آيات لا يعلم معناها كثير من العلماء، فضلًا عن غيرهم، وليس ذلك في آية معينة، بل قد يشكل على هذا ما يعرفه هذا" (١).

خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه (٢)؟

تقدم بيان أن المتشابه منه ما هو كلي حقيقي، لا يعلمه إلا الله تعالى، وهو ما استأثر الله بعلمه من حقائق الأشياء وكيفياتها، ومنه ما هو نسبي إضافي، يشتبه على بعض الناس دون بعض، ولأجل هذا فإنه لا يصح إطلاق القول: بأن صفات الله تعالى من المتشابه، بل لا بد من التفصيل في ذلك، فإن صفات الله تعالى لها اعتباران:

الأول: من جهة معناها: وهي بهذا الاعتبار معلومة لنا، وتقدم -قريبًا- بيان أنه لا يوجد شيء من نصوص الشرع لا يعلم معناه أحد من الناس، لأنها حينئذٍ تكون بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، وهذا ما يُنزه عنه كلام الله تعالى وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

وعليه فإن نصوص الصفات بهذا الاعتبار ليست من المتشابه الكلي الحقيقي الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وجعلها منه قول باطل، لا يُعرف عن أحد من سلف الأمة ولا من أئمتها المتبوعين.

نعم، قد يكون منها ما قد يشتبه على بعض الناس دون بعض، وهذا من التشابه النسبي الذي سرعان ما يزول بِرَدِّه إلى المحكم، أو إلى أهل العلم الراسخين فيه، كما قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣].


(١) المرجع السابق (١٧/ ٣٩٩ - ٤٠٠)، وانظر: (١٧/ ٣٩٥ - ٤٠٠)، و (١٣/ ٣٠٦).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (١٧/ ٣٧٢ - ٣٧٩)، و (١٣/ ١٤٤، ٢٩٤ - ٣١٣)، والتدمرية (٨٩)، وما بعدها، والصواعق المرسلة (١/ ٢١٣)، ومنهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات للشنقيطي (٣٢)، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (٢/ ٤٨٨).

<<  <   >  >>