للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عند آخر، بل يكون عنده واضحًا جليًا (١)، وأما أن يكون في النصوص الشرعية ما لا يمكن لأحد من الأمة معرفة معناه فهذا غير موجود، حتى ما لا ندرك حقيقته وكيفيته فإننا نعرف معناه، ونفهم المراد بلفظه، كصفات الله تعالى وحقيقة ما في البرزخ والجنة والنار.

قال النووي: "يَبْعُدُ أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته" (٢).

وقال ابن تيمية: "والمقصود هنا: أنه لا يجوز أن يكون الله أنزل كلامًا لا معنى له، ولا يجوز أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجميع الأمة لا يعلمون معناه، كما يقول ذلك من يقوله من المتأخرين، وهذا القول يجب القطع بأنه خطأ ... فإن معنى الدلائل الكثيرة من الكتاب والسنة وأقوال السلف على أن جميع القرآن مما يمكن علمه وفهمه وتدبره، وهذا مما يجب القطع به" (٣).

وقال: "ويبين ذلك أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال: هذه من المتشابه الذي لا يُعلم معناه، ولا قال قَطُّ أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم، وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس، وهذا لا ريب فيه" (٤).

وقال أيضًا: "وبالجملة: فالدلائل الكثيرة توجب القطع ببطلان قول من يقول: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها الرسول ولا غيره، نعم، قد


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١٧/ ٣٠٧)، وشرح الشيخ ابن عثيمين على لمعة الاعتقاد (٣٣).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٦/ ٤٥٩).
(٣) مجموع الفتاوى (١٧/ ٣٩٠).
(٤) المرجع السابق (١٣/ ٢٨٥)، وانظر: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (٩٨، ١٠٠).

<<  <   >  >>