للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال]

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على عدة أقوال، وقبل ذكرها أشير إلى أن هذه الأقوال تتجه إلى الجواب عن حديث: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها)، ومحاولة توجيهه، وأما حديث: (أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب) فلم أجد من وجهه وأجاب عنه غير الحافظ بن حجر رحمه الله، كما سيأتي، وإليك الآن هذه الأقوال:

القول الأول: أن طلوع الشمس من مغربها أول الآيات الكائنة في زمان ارتفاع التوبة، لأن ما قبل طلوع الشمس من مغربها التوبة فيه مقبولة.

وإلى هذا ذهب القرطبي، وأشار إلى أن طلوع الشمس من مغربها هو أول تغير في العالم العلوي الذي لم يُشاهد فيه تغيير منذ خلقه الله تعالى (١).

القول الثاني: أن طلوع الشمس من مغربها أول الآيات الدالة على قيام الساعة ووجودها، وذلك أن الآيات إما أمارات دالة على قرب القيامة، أو على وجودها، ومن الأول الدجال ونحوه، ومن الثاني طلوع الشمس ونحوه، فأولية طلوع الشمس إنما هي بالنسبة إلى القسم الثاني.

وإلى هذا ذهب الطيبي (٢) (٣).


(١) انظر: المفهم (٧/ ٢٤٢)، وطرح التثريب (٨/ ٢٥٩).
(٢) هو العلامة الحسين بن محمد بن عبد الله الطيبي، كان من علماء التفسير والحديث، وكان آية في استخراج الدقائق من القرآن والسنن، وكان في أول عمره صاحب ثروة كثيرة، فلم يزل ينفقها في وجوه الخيرات إلى أن كان في آخر عمره فقيرًا، توفي رحمه الله سنة (٧٤٣ هـ) له مؤلفات منها: شرح مشكاة المصابيح، وكتاب الخلاصة في معرفة الحديث. [انظر: شذرات الذهب (٦/ ١٣٧)، والبدر الطالع (١/ ٢٢٩)، والأعلام (٢/ ٢٥٦)].
(٣) انظر: شرح الطيبي (١٠/ ١٠٧)، والفتح (١١/ ٣٥٢ - ٣٥٣)، وعون المعبود =

<<  <   >  >>