للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الترجيح]

تقدم بيان أن الخلاف منحصر في الأحاديث المتعلقة بإمامة العبد، لأن فيها إشكالًا من وجهين:

أحدهما: أن الإجماع منعقد على ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة من وجوب تقديم القرشي في الإمامة العظمى، بشرط إقامة الدين.

والثاني: أن الإجماع منعقد على عدم جواز تولية العبد الإمامة العظمى، لأن من شرطها: الحرية.

وقبل ذكر الراجح من الأقوال لا بُدَّ من بيان أن الخلاف في توجيه هذه الأحاديث المتعلقة بإمامة العبد إنما هو باعتبار حال الاختيار، أما إذا تغلَّب العبد وكان ذا شوكة وقوة فإنه تجب طاعته إخمادًا للفتنة، ما لم يأمر بمعصية.

قال النووي: "وتُتَصوَّر إمارة العبد إذا ولَّاه بعض الأئمة، أو إذا تغلب على البلاد بشوكته وأتباعه، ولا يجوز ابتداءً عقد الولاية له مع الاختيار، بل شرطها الحرية" (١).

وقال ابن حجر عند ذكر الأقوال في هذه المسألة: "هذا كله إنما هو فيما يكون بطريق الاختيار، وأما لو تغلب عبد حقيقة بطريق الشوكة، فإن طاعته تجب، إخمادًا للفتنة، ما لم يأمر بمعصية" (٢).


(١) شرح النووي على مسلم (١٢/ ٤٦٧).
(٢) الفتح (١٣/ ١٢٢)، وانظر: تفسير القرآن العظيم (١/ ١١٠)، وإرشاد الساري (١٥/ ٩٢)، وأضواء البيان (١/ ٥٦)، وشرح رياض الصالحين للعثيمين (٢/ ٤٩٢).

<<  <   >  >>