للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الترجيح]

الذي يترجح -والله تعالى أعلم- في أهل القليب أنهم قد سمعوا كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- -على ما جاء في المسلك الثاني- كما دلت على ذلك الروايات الصحيحة الصريحة المتعددة، كقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر -رضي الله عنه-: (إنهم الآن يسمعون ما أقول)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم).

وأما اعتراص عائشة -رضي الله عنها- على ذلك، وتخطئتها لابن عمر -رضي الله عنهما- في روايته، فقد قال عنه أهل العلم: إن ذلك وَهْم منها -رضي الله عنها- (١)؛ لأن ابن عمر -رضي الله عنهما- لم ينفرد بذلك، بل وافقه عليه غيره من الصحابة، كعمرَ وأبي طلحة -رضي الله عنهما-، وهما ممن شهد بدرًا.

قال ابن تيمية: "وأهل العلم بالحديث والسنة اتفقوا على صحة ما رواه أنس وابن عمر، وإن كانا لم يشهدا بدرًا، فإن أنسًا روى ذلك عن أبي طلحة، وأبو طلحة شهد بدرًا ... والنص الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مقدم على تأويل من تأول من أصحابه" (٢).

وقال ابن كثير: "والصحيح عند العلماء رواية عبد الله بن عمر، لما لها من الشواهد على صحتها من وجوه كثيرة" (٣).


(١) انظر: المفهم (٢/ ٥٨٥)، ومجموع الفتاوى (٤/ ٢٩٨)، والبداية والنهاية (٣/ ٢٩٣)، والفتح (٣/ ٢٣٤)، و (٧/ ٣٠٣ - ٣٠٤)، والسنة لابن أبي عاصم، بتعليق الألباني (٤١٤) هامش (١).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٩٧ - ٢٩٨).
(٣) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٦٩٧).

<<  <   >  >>