للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}، وأُجيب: بأن السماع في حديثنا مخصوص بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال" (١).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحَمه اللهُ: إنه "وارد في وقت خاص، وهو انصراف المشيعين بعد الدفن" (٢).

- وأما استدلالهم بمشروعية السلام على أهل المقابر بصيغة المخاطب، فالجواب عنه: أنه لا يلزم من السلام عليهم أن يسمعوا، ولهذا كان المسلمون يسلمون على النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته في التشهد وهو لا يسمعهم قطعًا، وهذا شائع في العربية، فإن العرب تسلم على الديار وتخاطبها، على بعد المزار (٣).

وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن مثل هذا الخطاب يقصد منه استحضار المخاطب في القلب، ثم قال بعد ذكر السلام في التشهد: "والإنسان يفعل مثل هذا كثيرًا، يخاطب من يتصور في نفسه، وإن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب" (٤).

وقال القاضي عياض تعليقًا على الحديث السابق في سلام النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهل المقابر: "يحتمل أن يُحيوا له حتى يسمعوا كلامه، كما سمعه أهل القليب، ويحتمل أن يفعل ذلك مع موتهم ليبين ذلك لأمته" (٥).

وقال ابن عطية: "هذا كله غير معارض للآية، لأن السلام على القبور إنما هو عبادة، وعند الله الثواب عليها، وهو تذكير للنفس بحالة الموت، وبحالة الموتى في حياتهم" (٦).


= سنة (١٠٣١ هـ) له مصنفات عديدة منها: فيض القدير، وشرح الشمائل للترمذي. [انظر: البدر الطالع (١/ ٣٥٧)، والأعلام (٦/ ٢٠٤)، ومعجم المؤلفين (٢/ ١٤٣)].
(١) فيض القدير (٢/ ٢٩٨).
(٢) القول المفيد (٢٩٠).
(٣) انظر: الآيات البينات (٣٩، ٩٥ - ٩٦)، والقول المفيد (١/ ٢٩٠).
(٤) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٧٩٣).
(٥) إكمال المعلم (٢/ ٤٧)، وانظر: الآيات البينات (٩٧).
(٦) المحرر الوجيز (١٢/ ١٣١).

<<  <   >  >>