للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن السبب والمسبب مقدران مكتوبان معلومان لله تعالى، فهو يعلم هل سيأتي عبده بهذه الأسباب الموجبة لخلوصه من المرض، أو لا يأتي بها، وعليه فهو يعلم هل سيموت في مرضه هذا أم لا، فأي معنى وفائدة لهذا الانتظار؟ ! .

[مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها).]

معنى هذا الحديث، الذي يدل عليه ظاهره: أن الله تعالى يسدد الولي في سمعه وبصره ويده ورجله، وتكون هذه الأعضاء مشغولة بالله تعالى، طاعةً وامتثالًا، فلا يصغي بسمعه ولا يرى ببصره إلا إلى ما يرضي الله تعالى، ويكون هو المقصود بهذه الأعضاء والقوى.

وليس ظاهره أن الله تعالى يكون نفس الحدقة والشحمة والعصب والقدم، كما هو قول أهل الحلول (١).

قال ابن تيمية: "الحديث حق كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن ولي الله لكمال محبته لله، وطاعته لله، يبقى إدراكه لله وبالله، وعمله لله وبالله، فما يسمعه مما يحبه الحق أحبه، وما يسمعه مما يبغضه الحق أبغضه، وما يراه مما يحبه الحق أحبه، وما يراه مما يبغضه الحق أبغضه، ويبقى في سمعه وبصره من النور ما يميز به بين الحق والباطل، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق على صحته: (اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا وعن يساري نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، وأمامي نورًا وخلفي نورًا، واجعل لي نورًا) (٢) ... " (٣).


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٣٩١)، و (٢/ ٢٢٥، ٣٧٢)، و (١٧/ ١٣٤)، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٣/ ٣٣٥ - ٣٤٥).
(٢) البخاري (٥/ ٢٣٢٧) ح (٥٩٥٧)، ومسلم (٦/ ٢٩٠) ح (٧٦٣) من حديث ابن عباس -رضي الله عنه-.
(٣) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٧٣)، وانظر للاستزادة مما قيل في معناه: الجواب الكافي =

<<  <   >  >>