للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله تعالى-: معنى هذا الحديث "هو أن الله تعالى يسدد هذا الولي في سمعه وبصره وعمله، بحيث يكون إدراكه بسمعه وبصره، وعمله بيده ورجله كله لله تعالى إخلاصًا، وبالله تعالى استعانةً، وفي الله تعالى شرعًا واتباعًا، فيتم له كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة، وهذا غاية التوفيق، وهذا ما فسره به السلف، وهو تفسير مطابق لظاهر اللفظ، موافق لحقيقته، متعين بسياقه، وليس فيه تأويل ولا صرف للكلام عن ظاهره، ولله الحمد والمنة" (١).

وقد احتج أهل الحلول والاتحاد بهذا الحديث على صحة ما ذهبوا إليه، فقالوا: إن هذا يوجب أن يكون عين الحق عين أعضائه.

ولكن حجتهم هذه داحضة، وقولهم الذي ذهبوا إليه باطل مردود، مناقض للعقل والشرع، ولذلك قال الشوكاني: "قول الاتحادية يقضي عقل كل عاقل ببطلانه، ولا يحتاج إلى نصب الحجة معهم" (٢).

ومع هذا فإن الحديث حجة عليهم، مبطل لمذهبهم من عدة وجوه، منها:

١ - أنه قال: (من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب) فأثبت ثلاثة: وليًا، وعدوًا يعادي وليه، وميَّز بين نفسه وبين وليه، وعدو وليه.

٢ - أنه قال: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه)، ففرق بين العبد المتقرب، والرب المتقرب إليه.

٣ - ومثله قوله: (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).

٤ - وقال أيضًا: (ولئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه)، فجعل


= لابن القيم (٣١٧ - ٣١)، وجامع العلوم والحكم (٢/ ٣٤٥ - ٣٤٧)، وفتح الباري لابن حجر (١١/ ٣٤٤)، وقطر الولي (٤٢٨ - ٤٣٥).
(١) القواعد المثلى (٦٩)، وانظر: شرحه لرياض الصالحين (١/ ٤٤٩)، و (٢/ ١٩٢)، والتعليقات على الأربعين النووية، له أيضًا (١١٨).
(٢) قطر الولي (٤٣٨).

<<  <   >  >>