للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الترجيح]

الذي يترجح -والله تعالى أعلم بالصواب- القول الأول، وهو: أن رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- للدجال وهو يطوف بالبيت، لا ينافي ما ثبت من تحريم دخول مكة والمدينة عليه، لأنها رؤيا منام، ورؤيا المنام لا يلزم وقوعها في الخارج كما كانت في الرؤيا، بل قد يكون لها تعبير وتأويل يخالف الظاهر منها، كما ثبت ذلك في عدد من الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك:

حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (بينا أنا نائم أُتيت بقدح لبن، فشربت حتى إني لأرى الريَّ يخرج في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب)، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: (العلم)، متفق عليه (١).

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بينا أنا نائم، رأيت الناس يُعرضون عليَّ وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض عليَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره)، قالوا: فما أوَّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: (الدين)، متفق عليه (٢).

وأما القول الثاني، وهو: أن تحريم دخوله مكة والمدينة إنما يكون في زمن فتنته وخروجه، وأما قبل ذلك فغير ممتنع، فهو قول محتمل، لكن القول الأول أظهر وأوضح، والله أعلم.


(١) البخاري (١/ ٤٣) ح (٨٢)، ومسلم (١٥/ ١٦٩) ح (٢٣٩١).
(٢) البخاري (١/ ١٧) ح (٢٣)، ومسلم (١٥/ ١٦٨) ح (٢٣٩٠).

<<  <   >  >>