للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب)، رواه البخاري (١).

[بيان وجه الإشكال]

لما كان طلوع الشمس من مغربها مؤذنًا بإغلاق باب التوبة وعدم قبول الإيمان، فلا ينفع نفسًا إيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا، كان هذا الحديث -وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها) - مشكلًا لأن عيسى عليه السلام حين ينزل في آخر الزمان يدعو الناس إلى الإسلام، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، فلا يقبل إلا الإسلام أو القتل، وهذا يدل على أن الإيمان في زمنه نافع ومقبول، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نفسي بيده لَيُوْشِكَنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حَكَمًا مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) متفق عليه (٢).

فلو كان طلوع الشمس من مغربها هو أول الآيات لم يحصل هذا في زمن عيسى عليه السلام لأن الإيمان غير نافع حينئذ، وباب التوبة مغلق، كما تقدم.

قال الحَلِيْمي (٣): "فأما أول الآيات: ظهور الدجال، ثم نزول عيسى


(١) هو جزء من حديث رواه البخاري في عدة مواضع: فرواه في كتاب: الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (٣/ ١٢١١) ح (٣١٥١)، وفي كتاب: فضائل الصحابة، باب: كيف آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه (٣/ ١٤٣٢) ح (٣٧٢٣)، وفي كتاب: التفسير، باب: قوله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} (٤/ ١٦٢٨) ح (٤٢١٠)، وأخرجه معلقًا في كتاب: الفتن، باب: خروج النار (٦/ ٢٦٠٥).
(٢) البخاري: (٢/ ٧٧٤) ح (٢١٠٩)، ومسلم (٢/ ٥٤٨) ح (١٥٥).
(٣) هو العلامة أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي، صاحب وجوه حسان في المذهب، كان من أذكياء زمانه ومن فرسان النظر، له يد طولى في العلم والأدب أخذ عن الحاكم وغيره توفي رحمه الله سنة (٤٠٣ هـ)، =

<<  <   >  >>