للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصله من المماثلة، قال ابن فارس (١): "الشين والكاف واللام معظم بابه المماثلة، تقول: هذا شِكل هذا، أي: مثله، ومن ذلك يقال: أمر مشكل، كما يقال: أمر مشتبه، أي شابَهَ هذا، وهذا دخل في شكل هذا" (٢).

ومما تقدم يظهر أن المعنى اللغوي لكلمة (المشكل) يدور حول: المماثلة والاشتباه والالتباس والاختلاط.

ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين (٣):

يمكن معرفة معنى المشكل عند المحدثين من خلال ما سطره


(١) هو العلامة اللغوي المحدث أبو الحسن، أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني، المعروف بالرازي المالكي، كان رأسًا في اللغة والأدب، بصيرًا بفقه مالك، مناظرًا متكلمًا على طريقة أهل الحق، له مصنفات فريدة، من أهمها: (المجمل) في اللغة، ومقاييس اللغة، وهو المطبوع بعنوان: معجم مقاييس اللغة، توفي رحمه الله بالري سنة خمس وتسعين وثلاثمائة (٣٩٥). [انظر: وفيات الأعيان (١/ ١٣٢)، والسير (١٧/ ١٠٣)، ومقدمة معجم مقاييس اللغة لعبد السلام هارون].
(٢) معجم مقاييس اللغة (٣/ ٢٠٤) مادة (شكل).
(٣) وهو المراد في هذا البحث، أما المشكل عند الأصوليين فذاك مصطلح آخر، له مدلول يختلف عن مدلوله عند المحدثين، حيث إن الأصوليين من الأحناف -والذين انفردوا بهذا المصطلح من بين سائر الأصوليين- يقسمون الألفاظ إلى قسمين: واضح ومبهم، ويقسمون المبهم باعتبار قوة الإبهام وضعفه إلى أربعة أقسام، وهي على الترتيب: الخفي ثم المشكل ثم المجمل ثم المتشابه، فالخفي أقلها إبهامًا، وأشدها المتشابه، والمشكل يمثل الدرجة الثانية من الإبهام، وهو ما خفي المراد منه لسبب في نفس اللفظ، بحيث لا يمكن أن يدرك إلا بقرينة تميزه عن غيره، [انظر: أصول السرخسي (١٦٨)، وكشف الأسرار لعبد العزيز البخاري (١/ ٥١ - ٥٥)، وتفسير النصوص في الفقه الإسلامي للدكتور محمد أديب صالح (١/ ٢٢٩ - ٢٥٦)، ومختلف الحديث وموقف النقاد والمحدثين منه، للدكتور أسامه الخياط (٣٤ - ٣٥)، والقاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين (٢٧٢)]. وبهذا يظهر أن المشكل عند الأصوليين من الأحناف يمثل درجة معيَّنة =

<<  <   >  >>