للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "قال أبو زيد: ملَّ يَمَلُّ ملالة، وأمللته إملالًا، فكأن المعنى لا يمل من ثواب أعمالكم حتى تملوا من العمل" (١).

وقال أبو يعلى: "اعلم أنه غير ممتنع إطلاق وصفه تعالى بالملل، لا على معنى السآمة والاستثقال ونفور النفس عنه" (٢).

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: " (إن الله لا يمل حتى تملوا) من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه، كنصوص الاستهزاء والخداع فيما يتبادر" (٣).

المسلك الثاني: أن الحديث لا يدل على صفة الملل لله تعالى، لأن الملل معناه: استثقال الشيء وإعراض النفس عنه وضجرها منه.

قالوا: وهذا لا يجوز على الله بحال، ولا يدخل في صفاته بوجه، فهو سبحانه منزه عن النقائص والعيوب، والتي من جملتها السآمة والملل (٤).

وإلى هذا ذهب ابن قتيبة والطحاوي وابن عبد البر وابن رجب (٥)، عليهم رحمة الله.


= [انظر: تاريخ بغداد (٦/ ٢٧)، وتذكرة الحفاظ (٢/ ٥٨٤)، والسير (١٣/ ٣٥٦)، والعبر (١/ ٤١٠)، وشذرات الذهب (٢/ ١٩٠)].
(١) غريب الحديث (١/ ٣٣٨).
(٢) إبطال التأويلات (٢/ ٣٧٠)، وانظر: دفع شبه التشبيه لابن الجوزي (٢٢٠).
(٣) الفتاوى والرسائل (١/ ٢٠٩).
(٤) انظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (٣٢٤)، ومشكل الآثار للطحاوي (تحفة ١/ ٢١٦)، وأعلام الحديث للخطابي (١/ ١٧٣)، وفتح الباري لابن رجب (١/ ١٦٧).
(٥) هو عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن رجب، قدم من بغداد مع والده إلى دمشق وهو صغير سنة أربع وأربعين وسبعمائة وأجازه ابن النقيب والنووي، أتقن فن الحديث وصار أعرف أهل عصره بالعلل، توفي رحمه الله سنة (٧٩٥ هـ) له مؤلفات عدة منها: جامع العلوم والحكم، وفتح الباري في شرح صحيح البخاري، وصل فيه إلى الجنائز. =

<<  <   >  >>