للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال المروزي في قيام الليل (المختصر ٥٦): "هذا حديث قد اضطربت الرواة في إسناده -على ما بيَّنا- وليس يثبت إسناده عند أهل المعرفة بالحديث".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد نقله لتضعيف ابن خزيمة المتقدم، وكذا قول الإمام أحمد عن هذا الحديث -كما في رواية الأثرم-: "يضطرب في إسناده وأصل الحديث واحد، وقد اضطربوا فيه"، قال ابن تيمية: "هذا كلام صحيح، فإنهم اضطربوا في إسناده بلا ريب، لكن لم يقل: إن هذا يوجب ضعف متنه، ولا قال: إن متنه غير ثابت، بل إن مثل هذا الاضطراب يوجد في أحاديث كثيرة وهي ثابتة، وهذه الطرق مع ما فيها من الاضطراب -لمن يتدبر الحديث ويحسن معرفته- تدل دلالة واضحة على أن الحديث محفوظ صحيح الأصل، لا ريب في ذلك، بل قد يوجب له القطع بذلك ... وأما ما ذكره ابن خزيمة من كون يحيى مدلسًا لم يذكر السماع، فهذا لا يضر هنا، لأن غاية ما فيه أن يكون أخذه من كتاب زيد بن سلّام، كما حكي عنه أنه كان يحدث من كتاب أبي سلّام، إما لمعرفته بخطه، وإما لأن الذي أعطاه قال له: هذا خطه، وهذا مما يزيد الحديث قوة، حيث كان مكتوبًا ... والذي ذكر ابن خزيمة من أنه لم يثبت طريقًا معيَّنًا من هذه الطرق، هذا فيه نزاع بين أهل الحديث، لكن إذا ضمت بعضها إلى بعض صدَّق بعضها بعضًا، وهذا مما لا يتنازعون فيه.
لكن ابن خزيمة جرى على عادته أنه لا يحتج إلا بإسناد يكون وحده ثابتًا ... فما قاله لا ينافي ما اتفق عليه أهل العلم، فثبت صحة الاحتجاج به من طريقين:
أحدهما: من جمع الطرق، لكن ابن خزيمة لم يسلك هذا.
والثاني: من جهة ثبوت الاحتجاج بالكتاب، لكن ابن خزيمة لم يذهب إلى هذا". [بيان تلبيس الجهمية، القسم السابع (١/ ٣٧١ - ٣٧٥) باختصار وتصرف يسير، وانظر: إبطال التأويلات (١/ ١٤٠)].
قلت: إعلال ابن خزيمة رحمه الله لهذا الطريق -طريق معاذ المتقدم- بتدليس يحيى بن أبي كثير، مدفوع بكون يحيى قد صرح بالتحديث عن زيد في إسناد الإمام أحمد رحمه الله، انظر: المسند (٣٦/ ٤٢٢)، والله أعلم. [وانظر: للوقوف على طرق هذا الحديث: التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٥٣٣ - ٥٤٥)، والرؤية للدارقطني (٣٠٨ - ٣٤٢)، ولابن رجب رحمه الله رسالة في شرح هذا الحديث بعنوان: (اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى)]. =

<<  <   >  >>