للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما تواترت به الآثار عن الصحابة والسلف، واتفق عليه الفقهاء وأهل التفسير والحديث، وأرباب القلوب من أهل التصوف، وما يعرفه عامة العقلاء" (١).

وقال الشوكاني: "قد أجمع أهل العلم على أن له تأثيرًا في نفسه وحقيقة ثابتة، ولم يخالف في ذلك إلا المعتزلة وأبو حنيفة" (٢).

وقد دلَّ على أن السحر له حقيقة وأثر: الكتاب، والسنة، والواقع، وإليك شيئًا من ذلك:

فمن أدلة الكتاب:

١ - قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢)} [البقرة: ١٠٢].

فهذه الآية تدل على أن للسحر حقيقة وأثرًا من عدة وجوه:

أ- أن الله تعالى ذكر السحر، وأخبر أنه مما يُعلَّم ويُتعلَّم، وهذا يدل على أن له حقيقة، إذ لو لم يكن كذلك لما أمكن تعلمه وتعليمه.

قال أبو عبد الله القرطبي: "لو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه، ولا أخبر تعالى أنهم يعلمونه الناس، فدلَّ على أن له حقيقة" (٣).

ب - أن الله تعالى أخبر في هذه الآية أن السحر يحصل به التفريق بين المرء وزوجه، فقال: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}، وهذا دليل واضح على أن للسحر حقيقة وأثرًا.


(١) بدائع الفوائد (٢/ ٣٦٥).
(٢) فتح القدير (١/ ١٢١)، وانظر: تفسير ابن كثير (١/ ٢٢٠).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (١/ ٤٦).

<<  <   >  >>