للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو عبد الله القرطبي: "لقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان، وتكلم الناس فيه، ولم يَبدُ من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله" (١).

وقال ابن القيم: "والسحر الذي يؤثر مرضًا وثقلًا، وحلًا وعقدًا، وحبًا وبغضًا، ونزيفًا، وغير ذلك من الآثار: موجود تعرفه عامة الناس، وكثير منهم قد علمه ذوقًا بما أصيب به منه" (٢).

وأما ما وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم- من السحر وتأثره به، فحق لا يمكن رده أو إنكاره، لدلالة حديث عائشة -رضي الله عنها-، المتفق على صحته على ذلك (٣).

قال ابن القيم -عن هذا الحديث-: "هذا الحديث ثابت عند أهل العلم بالحديث، متلقى بالقبول بينهم، لا يختلفون في صحته، وقد اعتاص على كثير من أهل الكلام وغيرهم، وأنكروه أشد الإنكار، وقابلوه بالتكذيب" (٤).

وقال أيضًا: "قد اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة، والقصة مشهورة عند أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ والفقهاء، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله وأيامه من المتكلمين" (٥).

وقال الشنقيطي: "اعلم أن ما وقع من تأثير السحر في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا يستلزم نقصًا ولا محالًا شرعيًا، حتى ترد بذلك الروايات الصحيحة، لأنه نوع من الأعراض البشرية، كالأمراض المؤثرة في الأجسام، ولم يؤثر البتة فيما يتعلق بالتبليغ" (٦).


(١) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٤٦)، وانظر: الفروق للقرافي (٤/ ١٥٠).
(٢) بدائع الفوائد (٢/ ٣٦٥).
(٣) تقدم تخريجه ص (٤٢٦ - ٤٢٧).
(٤) بدائع الفوائد (٢/ ٣٦٢).
(٥) المرجع السابق (٢/ ٣٦٣).
(٦) أضواء البيان (٤/ ٥٠٨).

<<  <   >  >>