للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا له ولد وليس يعيدنا .... شتمًا وتكذيبًا من الإنسان

هذا وذاك بسمعه وبعلمه ...... لو شاء عاجلهم بكل هوان

لكن يعافيهم ويرزقهم وهم ...... يؤذونه بالشرك والكفران (١)

وصبر الله تعالى لا يماثله شيء من الصبر، لأنه صبر من كامل القوة، عظيم القدرة والبطش، في مقابلة غاية الإساءة والأذية من الخلق، فهو يفارق صبر المخلوق من عدة وجوه، منها:

١ - أنه عن قوة كاملة، وقدرة تامة، بخلاف صبر المخلوق فإنه قد يكون عن ضعف وعجز.

٢ - أن الله تعالى لا يخاف بصبره فوت العقوبة، بينما العبد يخاف ذلك، ولهذا فإنه يستعجل العقوبة -أحيانًا- لخوف الفوت.

٣ - أن الله تعالى لا يلحقه بصبره ألم ولا حزن ولا نقص بوجه من الوجوه، بخلاف صبر المخلوق (٢).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى متحدثًا عن صبر الله جلَّ وعلا: "مع أنه صبرٌ مع كمال علم وقدرة وعظمة وعزة، وهو صبر على أعظم مصبور عليه، فإن مقابلة أعظم العظماء وملك الملوك وأكرم الأكرمين، ومَن إحسانه فوق كل إحسان، بغاية القبح، وأعظم الفجور، وأفحش الفواحش، ونسبته إلى كل ما لا يليق به، والقدح في كماله وأسمائه وصفاته، والإلحاد في آياته، وتكذيب رسله عليهم السلام ومقابلتهم بالسب والشتم والأذى، وتحريق أوليائه وقتلهم وإهانتهم، أمر لا يصبر عليه إلا الصبور الذي لا أحد أصبر منه، ولا نسبة لصبر جميع الخلق من أولهم إلى آخرهم إلى صبره سبحانه" (٣).

وقال السعدي رحَمه اللهُ: "هذا الصبر الذي ذكره الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الله، لا


(١) الكافية الشافية، شرح ابن عيسى (٢/ ٢٢٨).
(٢) انظر: عدة الصابرين (٤٢٠)، والمجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي (٧/ ٢١).
(٣) عدة الصابرين (٤٢٢).

<<  <   >  >>