للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصحاب هذا القول، منهم من يفسر الرحمة بدخول الجنة كابن عبد البر حيث قال: "والظل في هذا الحديث يراد به: الرحمة، والله أعلم، ومن رحمة الله الجنة، قال الله عزَّ وحلَّ: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: ٣٥]، وقال: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠)} [الواقعة: ٣٠]، وقال: {فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ} [المرسلات: ٤١] " (١).

ومنهم من يفسرها بالرعاية والكرامة والحماية، كما يقال: أسبل الأمير أو الوزير ظله على فلان، بمعنى الرعاية والحماية.

وممن فسرها بهذا: عيسى بن دينار (٢)، والبيهقي (٣)، والبغوي (٤)، والقاضي عياض (٥)، عليهم رحمة الله.

القول الثالث: أن المراد بالظل في الحديث: ظل يخلقه الله تعالى، لأنه في ذلك الوقت لا يوجد شيء يظل الخلائق من الشمس، فلا بناء ولا شجر ولا رمال ولا حجر، إلا ما يخلقه الله تعالى، فيظل به من شاء من عباده، وإلى هذا ذهب الشيخ محمد العثيمين رحمهُ اللهُ، بل لم يجوز غير هذا المعنى للحديث.

قال رحمهُ اللهُ: "معنى (يوم لا ظل إلا ظله) أو (يظلهم الله في ظله) يعني:


(١) التمهيد (٢/ ٢٨٢ - ٢٨٣)، وانظر: (١٧/ ٤٣١ - ٤٣٢)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (٣/ ٥٦٢)، وشرح النووي على مسلم (٧/ ١٢٦).
(٢) انظر: إكمال المعلم (٣/ ٥٦٢)، والمفهم (٦/ ٥٤٣)، وشرح النووي على مسلم (٧/ ١٢٦)، وفتح الباري (٢/ ١٤٤)، وابن دينار هو: عيسى بن دينار بن واقد الغافقي القرطبي، فقيه الأندلس ومفتيها في عصره، ارتحل في طلب العلم ثم عاد، فكان مرجع الناس في الفتيا، وكان صالحًا ورعًا مجاب الدعوة، توفي رحمهُ اللهُ سنة اثنتي عشرة ومائتين (٢١٢). [انظر: السير (١٠/ ٤٣٩)، والعبر (١/ ٢٨٥)، وشذرات الذهب (٢/ ٢٨)، والأعلام (٥/ ١٠٢)].
(٣) انظر: الأسماء والصفات (٢/ ٢٢٧).
(٤) انظر: شرح السنة (٢/ ٣٥٥).
(٥) انظر: إكمال المعلم (٣/ ٥٦٢).

<<  <   >  >>