للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع (١)

وقول الأعشى (٢):

فاستأثر الدهر الغداة بهم ... والدهر يرميني ولا أرمي

يا دهر قد أكثرت فجعتنا ... بسراتنا ووقرت في العظم

وسلبتنا ما ليس تُعقبنا ... يا دهر ما أنصفت في الحكم (٣)

ومعنى الحديث على هذا: لا تسبوا الدهر إذا أصابتكم المصائب، ولا تنسبوها إليه، فإن الله عزَّ وجلَّ هو الذي أصابكم بذلك، لا الدهر فإذا سببتم الفاعل وقع السب على الله عزَّ وجلَّ، إذ هو الفاعل لها لا الدهر.

ويكون معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وأنا الدهر): ما فسره بقوله: (بيدي الأمر أقلب الليل والنهار).

وهكذا قوله: (فإن الله هو الدهر) أي: مدبر الدهر ومصرفه.

وعلى هذا، لا يكون الدهر اسمًا من أسماء الله تعالى.

وإلى هذا القول ذهب جمهور أهل العلم، كالشافعي (٤) وأبي عبيد،


(١) انظر: شرح أشعار الهذليين للسكري (١/ ٤)، وساقه ابن قتيبة بسنده إلى أبي ذؤيب، في تأويل مختلف الحديث (٢٠٨).
(٢) هو ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، وأحد أصحاب المعلقات، كان كثير الوفود إلى الملوك من العرب والفرس، وكان من المعمَّرين أدرك الإسلام ولم يسلم، قيل: إن مولده ووفاته في منفوحة قرب مدينة الرياض، وكانت وفاته سنة سبع من الهجرة (٧). [انظر: الشعر والشعراء (١٥٤)، وشرح المعلقات العشر (٣٧٣)، والأعلام (٧/ ٣٤١)].
(٣) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (٢/ ١٤٦)، ومعجم مقاييس اللغة (٢/ ٣٠٦)، وأحال محققه على ملحقات ديوان الأعشى (٢٥٨)].
(٤) انظر: تهذيب اللغة للأزهري (٦/ ١٠٩)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (٧/ ١٨٣)، وشرح النووي على مسلم (١٥/ ٦)، وتفسير ابن كثير (٤/ ٢٣١)، وتيسير العزيز الحميد (٦٠٨).

<<  <   >  >>