للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفات حقيقية، لا تشبه صفات المخلوقين، ولا يمثل ولا يعطل ولا يرد ولا يجحد، ولا يُؤول بتأويل يخالف ظاهره" (١).

وبهذه النقول عن هؤلاء العلماء يُعلم خطأ الإمام الخطابي -رحمه الله- حينما أوَّل هذه الصفة وقال: "لا أعلم أحدًا من العلماء حمل الحقو على ظاهر مقتضى الاسم له في موضع اللغة، وإنما معناه: اللياذ والاعتصام" (٢).

ولذا قال ابن تيمية معقبًا على كلامه: "هذا الذي ذكره الخطابي، ذكره بمبلغ علمه، حيث لم يبلغه في حديث (الرحم) عن أحد من العلماء أنه جعله من أحاديث الصفات، التي تمر كما جاءت، والخطابي له مرتبة في العلم معروفة، ومرتبة أئمة الدين المتبوعين، فوق طبقة الخطابي ونحوه" (٣).

وأما التأويل الذي ذهب إليه الخطابي، وهو حمل الحديث على معنى اللياذ والاعتصام بالله تعالى (٤)، فهو معنى صحيح، لكن ليس فيه ما ينافي إثبات هذه الصفة لله تعالى على ما يليق بجلاله.

قال أبو يعلى: "قولهم: إن معناه: أنها مستجيرة معتصمة بالله، فلا يمنع من هذا، لكن صفة الاستجارة والاعتصام، على ما ورد به الخبر، من الأخذ بحقو الرحمن جل اسمه" (٥).

* * *


(١) قطف الثمر (٦٥ - ٦٨).
(٢) نقل ذلك عنه ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية، القسم السادس (١/ ٢٦٥)، وعزاه إلى كتابه: شعار الدين، وهو كتاب مفقود.
(٣) المرجع السابق (١/ ٢٧٤).
(٤) وإليه ذهب عامة أهل التأويل من أهل الكلام وغيرهم. [انظر: مشكل الحديث لابن فورك (٣٢٢)، والأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٢٢٣)، وأساس التقديس للرازي (٧٠)، والأسنى للقرطبي (٢/ ١١٨)، وإيضاح الدليل لابن جماعة (١٨٥)، وأقاويل الثقات لمرعى بن يوسف (١٨٣ - ١٨٤)].
(٥) إبطال التأويلات (٢/ ٤٢٦).

<<  <   >  >>