للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أول من صنف في المختلف ... الشافعي فكن بذا النوع حفي (١)

وقد جمع فيه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى جملة من نصوص السنة المختلفة والمتعارضة في الظاهر، فأزال إشكالها ودفع التعارض عنها، وفق منهج علمي رصين، فيسلك سبيل الجمع إن أمكن، أو النسخ إن ثبت، أو الترجيح إن تعذر الجمع ولم يَثْبُتَ النسخ، وهذا المنهج هو ما التزمه الجمهور في دفع التعارض والتوفيق بين الأحاديث، وهو ما أشار إليه الشافعي في مقدمة كتابه هذا حيث قال: "وكلما احتمل حديثان أن يستعملا معًا، استعملا معًا، ولم يعطل واحد منهما الآخر ... فإذا لم يحتمل الحديثان إلا الاختلاف -كما اختلفت القبلة نحو بيت المقدس والبيت الحرام- كان أحدهما ناسخًا والآخر منسوخًا ... ومنها ما لا يخلو من أن يكون أحد الحديثين أشبه بمعنى كتاب الله، أو أشبه بمعنى سنن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مما سوى الحديثين المختلفين، أو أشبه بالقياس، فأي الأحاديث المختلفة كان هذا فهو أولاهما عندنا أن يصار إليه" (٢).

ولكنه لم يقصد في هذا الكتاب استيعاب النصوص المتعارضة في السنة، وإنما قصد التمثيل وبيان كيفية إزالة التعارض بينها لتكون نموذجًا لمن بعده من العلماء.

قال النووي رحمه الله تعالى: "وصنف فيه الإمام الشافعي، ولم يقصد رحمه الله تعالى استيفاءه، بل ذكر جملة ينبه بها على طريقه" (٣).

وقال السخاوي (٤): "وأول من تكلم فيه إمامنا الشافعي، وله فيه مجلد


= [انظر: الضوء اللامع (٤/ ٦٥)، وشذرات الذهب (٨/ ٥١)، والبدر الطالع (١/ ٣٢٨)، والأعلام (٣/ ٣٠١)].
(١) ألفية السيوطي (١٧٨).
(٢) اختلاف الحديث (٤٠).
(٣) التقريب مطبوع مع شرحه: تدريب الراوي (٢/ ١٨٠).
(٤) هو العلامة محمد بن عبد الرحمن بن محمد شمس الدين السخاوي الشافعي، =

<<  <   >  >>