الرابع: أن القرآن جعل خلق السموات داخلًا في الأيام الستة، بينما هذا الحديث لم يذكر خلق السموات.
فهذه الوجوه -وهي علل المتن التي تقدم ذكرها في القول الأول- تجعل الحديث مطعونًا في صحته، لا سيما وقد أعله من جهة سنده جمع من أهل العلم، وفيهم الحفاظ والنقاد، وأئمة الجرح والتعديل، وأهل المعرفة بالعلل والأسانيد، كعلي بن المديني والبخاري ويحيى بن معين وعبد الرحمن بن مهدي والبيهقي وابن تيمية وابن القيم وابن كثير.
وأما محاولة أصحاب القول الثاني توجيه الحديث ودفع مخالفته للقرآن -وذلك بالإجابة على علل المتن- فغير مجدية، لأن أجوبتهم عن علل المتن، ليست في القوة ما يجعلها تنهض لدفع إشكال الحديث، وإزالة ما فيه من مخالفة لكتاب الله تعالى، خاصةً ما أجابوا به على عدم ذكر خلق السموات فيه.
قال القرطبي:"وتحقيق هذا أنه لم يذكر في هذا الحديث نصًا على خلق السموات، مع أنه ذكر فيه أيام الأسبوع كلها، وذكر ما خلق الله تعالى فيها، فلو خلق السموات في يوم زائد على أيام الأسبوع، لكان خلق السموات والأرض في ثمانية أيام، وذلك خلاف المنصوص عليه في القرآن، ولا صائر إليه.
وقد رُوي هذا الحديث في غير كتاب مسلم بروايات مختلفة مضطربة ... فلا يعتمد على ما تضمنته من ترتيب المخلوقات في تلك الأيام، والذي يعتمد عليه في ذلك قوله تعالى:{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ}[فصلت: ٩] الآيات، فلينظر فيها من أراد تحقيق ذلك" (١).
ومما يحسن التنبيه عليه أن أصحاب القولين -المصححين للحديث