للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أننا لا نشك في صحة وجود الفيل، والتمساح، والكسوف، وزيادة النهر، والخليفة، ثم يرغب من لم يرَ ذلك منا في أن يرى كل ذلك، ولا يشك في أنه حق، لكن ليرى العجب الذي يتمثله في نفسه ولم تقع عليه حاسة بصره قط" (١).

وأما قوله: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} فمعناه: ليزداد طمأنينة وإيمانًا، وإلا فقد كان مؤمنًا مطمئنًا، وفي هذا دليل على أن إيمان القلب يزيد وينقص، وأنه درجات بعضها فوق بعض، فإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- كان يؤمن بإحياء الموتى، ولكن طلب رؤية ذلك ليطمئن قلبه، فالاطمئنان الحاصل للقلب بالرؤية، درجة زائدة على أصل الإيمان والتصديق (٢).

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٣) -رَحِمَهُ الله-: "وأما قوله: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} فمن أعظم الأدلة على تفاوت الإيمان ومراتبه، حتى الأنبياء، فهذا طلب الطمأنينة مع كونه مؤمنًا، فإذا كان محتاجًا إلى الأدلة التي توجب له الطمأنينة فكيف بغيره" (٤).


(١) الفصل (٢/ ٢٩٢)، وانظر: أعلام الحديث (٣/ ١٥٤٦)، وإكمال المعلم (١/ ٤٦٤)، وشرح النووي على مسلم (٢/ ٥٤٣).
(٢) انظر: جامع البيان (٣/ ٥٢)، والإبانة لابن بطة (٢/ ٨٣٣ - ٨٣٤)، وفتح الباري (١/ ٤٧)، ومنة المنعم (١/ ١٣٣)، وتفسير القرآن الكريم (٣/ ٣٠٥)، وزيادة الإيمان ونقصانه للدكتور عبد الرزاق البدر (٥٦ - ٥٨).
(٣) هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي شيخ الإسلام ومصباح الظلام مجدد ما اندرس من العقيدة في الجزيرة العربية، ولد في العيينة ورحل إلى حريملاء ودعا إلى مذهب السلف فخذله ابن معمر فرحل إلى الدرعية حيث ساعده وآزره أميرها محمد بن سعود فتعاضدا جميعًا على نشر الدعوة السلفية، وقمع البدعة والخرافة، توفي -رَحِمَهُ الله- في الدرعية سنة (١٢٠٦ هـ)، وله مؤلفات ورسائل عديدة أهمها وأشهرها كتاب التوحيد. [انظر: الأعلام (٦/ ٢٥٧)، وعلماء نجد (١/ ١٢٥)].
(٤) مجموع مؤلفات الشيخ، المجلد الثاني، قسم الفتاوى (٧٣).

<<  <   >  >>