للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - أن القول: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أثر فيه السحر، يصدق قول المشركين في تعييرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه مسحور، كما حكى الله عنهم ذلك فقال: {إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} [الإسراء: ٤٧]، ومعلوم أن تعييرهم هذا باطل، ولذا ذمهم الله عليه (١).

٥ - أن القول: بلحوق ضرر السحر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- منافٍ لعصمته، وطعن في نبوته، ومزيل للثقة بما جاء به، فإنه إذا سحر وخيل إليه أنه يفعل الأمر، وهو لم يفعله، أمكن أن يخيل إليه أنه أوحي إليه وهو لم يوحَ إليه، وأنه بلغ ما أوحي إليه، وهو لم يبلغه، وهكذا في جميع أمور الدين، مما يُفقد الحجة والاطمئنان بقوله وفعله (٢).

٦ - أن السحر من عمل الشياطين، وهم لا يتسلطون إلا على من غفل عن الله تعالى وطاعته، أما من تحصن بطاعة الله تعالى وذكره -كالرسول -صلى الله عليه وسلم-- فليس للشيطان عليه سلطان ولا سبيل، كما قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)} [الحجر: ٤٢] (٣).

القول الثاني: أن للسحر حقيقة وأثرًا، كما دل على ذلك الكتاب والسنة (٤) وقد سُحر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأثر فيه ذلك السحر وأمرضه، فكان يُخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لم يفعله، غير أنه لم يوجب له خللًا في عقله، ولا تخليطًا له في قوله، إذ قد قام دليل النقل، وبرهان المعجزة على صدقه وعصمة الله تعالى له من الغلط فيما يبلغه بقوله وفعله، فالسحر الذي تعرض


= والفصل (٣/ ١٧٣) ثلاثتها لابن حزم، والنبوات (١/ ٤٨٤)، و (٢/ ١٠٣٦ - ١٠٣٧)، وبدائع الفوائد (٢/ ٣٧١).
(١) انظر التفسير الكبير للرازي (٣/ ٢١٤)، وبدائع الفوائد (٢/ ٣٦٣)، وأضواء البيان (٤/ ٥٠٦).
(٢) انظر: بدائع الفوائد (٢/ ٣٦٣)، والمعلم (٣/ ٩٣).
(٣) انظر: تأويل مختلف الحديث (١٦٦، ١٦٩)، وبدائع الفوائد (٢/ ٣٦٣)، والأنوار الكاشفة (٢٥٢).
(٤) سيأتي ذكر هذه الأدلة في المطلب التالي إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>