للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنكره المعطلون ... " (١).

والمطلع على هذا الكتاب يلحظ أمرين عجيبين:

"أحدهما: البحث عن أوجه التأويل لكل حديث، والتكلف في ذلك، وهو يعتقد أن هذه مهمة طائفة من أهل الحديث، فقد قسمهم إلى فرقتين:

فرقة هم أهل النقل والرواية، وحصرِ أسانيدها وتمييز صحيحها من سقيمها.

وفرقة منهم يغلب عليهم تحقيق طرق النظر والمقاييس، والإبانة عن ترتيب الفروع على الأصول، ونفي شبه الملَبِّسين عنها.

فالفرقة الأولى للدين كالخزنة للملك، والفرقة الأخرى كالحرس الذين يَذُبُّوْنَ عن خزائن الملك (٢).

وواضح أن ابن فورك في كتابه جعل مهمته تحقيق هدف الفرقة الثانية، ولذلك ذكر فيه ما يراه من مشكل الحديث.

والأمر الآخر: خلْطُه فيما يورده -من الأحاديث- بين الأحاديث الصحيحة والضعيفة والموضوعة، حيث جعلها نسقًا واحدًا في الدلالة وضرورة التأويل، وإذا أشار إلى ضعف بعض الروايات لا يكتفي بذلك في ردها، وبيان عدم الحاجة إلى بحث ما دلت عليه من الصفة لله تعالى، وإنما يشير إلى ضعفها -إن أشار- بكلمات، ثم يجلب بخيله ورجله في تأويلها" (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مَعْرِضِ حديثه عن تأويلات أهل الكلام: "هؤلاء يقرنون بالأحاديث الصحيحة أحاديث كثيرة موضوعة، ويقولون بتأويل الجميع، كما فعل ... أبو بكر بن فورك في كتاب (مشكل الحديث) " (٤).


(١) مشكل الحديث (٥٢٥).
(٢) انظر: مشكل الحديث لابن فورك (٣٢).
(٣) موقف ابن تيمية من الأشاعرة للدكتور عبد الرحمن المحمود (٢/ ٥٦٢/ ٥٦٣).
(٤) درء التعارض (٥/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>