للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باطنان ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات (١)، ثم رفع لي البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن، فقال: هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك، ثم فرضت علي الصلوات: خمسين صلاةً كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بمَ أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاةً كل يوم، قال: إن أمتك لا


(١) قال القاضي عياض في الإكمال (١/ ٥٠٣): يشعر هذا أن أصل سدرة المنتهى في الأرض، لخروج النيل والفرات من أصلها. وتعقبه النووي في شرحه على مسلم (٢/ ٥٨٠) فقال: "قلت: هذا الذي قاله ليس بلازم، بل معناه: أن الأنهار تخرج من أصلها، ثم تسير حيث أراد الله تعالى حتى تخرج من الأرض وتسير فيها، وهذا لا يمنعه عقل ولا شرع، وهو ظاهر الحديث، فوجب المصير إليه، والله أعلم"، وقال في موضع آخر: "الأصح أنها على ظاهرها، وأن لها مادة من الجنة، والجنة مخلوقة موجودة اليوم عند أهل السنة" [شرح النووي على مسلم (١٧/ ١٨٣)، وانظر: إكمال المعلم (٨/ ٣٧٢)، والمفهم (٧/ ١٨٦)].
وبمثل هذا القول قال ابن حزم وابن حجر [انظر: الفصل (١/ ١٤٣)، والفتح (٧/ ٢١٤)].
- وقيل: إن هذا ضرب مثل. [انظر شرح كتاب التوحيد للغنيمان (٢/ ٤٥٠ - ٤٥١)].
- وقيل: بل هو تشبيه لها بأنهار الجنة لما فيها من العذوبة والبركة. [انظر: المفهم (١/ ٣٩١)، و (٧/ ١٨٦)].
- وقيل: إنهما أُنزلا من الجنة إلى الأرض، وسيُرفعان عند رفع القرآن، واستشهدوا بقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨)} [انظر: الروض الأنف (٢/ ١٥٠)، وإكمال إكمال المعلم (١/ ٥٢٤)].
- والمتعين حمل الحديث على ظاهره، والإيمان به كما جاء، دون التعرض لكيفية ذلك، وقد ثبت في صحيح مسلم (١٧/ ١٨٣) ح (٢٨٣٩) من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سيحان وجيحان والفرات والنيل كلٌ من أنهار الجنة)، وما ذكره النووي غير ممتنع في قدرة الله تعالى، والله أعلم.

<<  <   >  >>